للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشخصي والاختيار الحر، التي ميز الله بها الإنسان عن باقي الحيوان- اختار بعض الناس الإيمان دون الكفر، واختار بعضهم العكس، ومن أجل ذلك كان جزاء حسن الاختيار الثواب العظيم، وجزاء سوء الاختيار العذاب الأليم.

وبهذا التفسير يتضح أيضا معنى قوله تعالى في آية أخرى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: ١١٨] وذلك لاختلاف أفكارهم، وحسن أو سوء اختيارهم.

وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} خطاب من الله إلى رسوله، القصد منه تهدئة روعه وطمأنينة نفسه، فقد كان صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق، إلى حد أنه كان يحزن أشد الحزن إذا لم تنفع في بعضهم الموعظة الحسنة، ولم تؤثر فيهم الحجة البالغة {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٣].

وليس المراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحاول فعلا إكراه غير المؤمنين على الإيمان، فهو أعلم الناس عن ربه بأنه {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦].

نعم في هذه الآية تلقين من الله لعباده المؤمنين أن يبينوا للناس ما نزل إليهم، ويمكنوهم من وسائل الإيمان حتى تقوم الحجة عليهم، ثم يتركوا لهم بعد ذلك الخيار، فإن أرادوا الإيمان أقبلوا عليه عن طواعية واختيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>