لم يذكر ابن سلاّم الأساس الذي اختار على ضوئه الألفاظ المفسَّرة، وذلك لأنه لم يضع في أول تأليفه مقدّمة يوضّح فيها منهجه. لذلك يتعذّر على الباحث الوصول إلى القول الفصل في المسألة.
وقد سبق أن رأينا من بين الأسباب الداعية إلى التأليف في الوجوه والنَّظائر وجود كلمات يكثر ورودها في القرآن، فجمعها المؤلفون في هذا الفنّ، مبيّنين معانيها المختلفة التي استعملت بها في النصّ القرآني.
غير أن هذا السبب لا نراه كافيا ليعتبر أساسا لانتقاء الألفاظ في كتاب التصاريف لأنه لم يستوعب كلّ الكلمات التي هي من هذا النَّوع. والكتاب، وإن كان به نقص، فإننا نعتقد أنَّه قد وصلنا معظمه، وذلك بمقارنته بكتاب مقاتل الذي كان معاصرا لابن سلاّم، والذي يتفق معه ابن سلاّم في التَّصاريف، في أغلب ما أورده.
ولعلّ النظر في نوع الكلمات المفسَّرة يعين على حلّ المسألة. فالذي يلاحظه القارئ، أنّ أغلب الكلمات الواردة يسهل وضعها في إطاره مثل: الكفر، والهدى، والإيمان، والشِّرك فإنَّها كلمات تستعمل في ميدان العقيدة.
ومثل: الصيحة، والصّراط، والآخرة فإنَّها من علوم الآخرة.
ومثل: إمام، وفتنة، وعدوان، ووليّ فإنَّها من مشمولات الحقل الديني والحقل السياسي. وبتتبَّع هذه الكلمات وغيرها، نلاحظ أن الجانب الغالب عليها هو جانب أصول الدّين: العقيدة وما يتعلَّق بها.
فقد فسَّر ابن سلاّم كلمات الكفر، والشِّرك، والإيمان، والهدى، والضّلال وهي كما لا يخفى كلمات أساسيَّة للتعبير عن العقيدة.
ولم يكتف المؤلف بعقد فصل خاصّ لكلّ مصطلح منها، فقد ذكرها أيضاً باعتبارها وجها من أوجه كلمات عديدة أخرى وقع تفسيرها في الكتاب. فورد الشرك وجها لثلاث عشرة كلمة هي: هدى، إيمان، سوء، سيئة، فتنة، طهور، منكر وجها لثلاث عشرة كلمة هي: هدى، إيمان، سوء، سيئة، فتنة، طهور، منكر، ظلمات، ظالمين، ظلم، باطل، خاطئين وحنث.
وقد علَّق المؤلف على قوله تعالى:{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الحنث العظيم} بقوله: "يعني الذنب العظيم، وهو الشرك".