وورد الكفر وجها من أوجه كلمة هدى، وفتنة، وحرب وضلال.
وورد الإيمان وجها من أوجه كلمة مشي، ورحمة، وخير، وصلاح وكلام.
وإلى جانب هذه المصطلحات العقدية، تعرض ابن سلاّم إلى المصطلحات الدَّالَّة على مشمولات العقيدة.
فذكر القرآن والكتب في كلمات: رحمة، وفرقان، وذكر، وحكمة.
وتعرّض إلى الأعمال من طاعة وعصيان في كلمات: فساد، وسوء، وخيانة، ولباس، وقانتين ومطيعين.
وذكر اليوم الآخر وما يتعلق به في كلمات إمام، وصيحة، وأمر، وأرض ونشور، وكلام، وأجل وصراط.
إلى جانب هذا يجد الباحث في الكتاب، ما يذكره بمسائل كان الخوض فيها حثيثا في عصر ابن سلاّم، من ذلك: الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وهي من الأصول الاعتزالية، وتفسير: قضى وكتب، حيث أكَّد أن كلّ ما يقع إنما هو من الله، أو الإشارة إلى نفي رؤية الله في الدّنيا، وتأويل الوجه إلى معنى الله. وتتعلق المسألة الأخيرة بالمتشابه من الصّفات في القرآن.
بحيث يمكن للباحث أن يتبيَّن عموما الاتجاه السنّي الذي درج عليه المؤلف في هذا الكتاب، ولا تستوقفه أية إشارة يتبين من خلالها التهمة الَّتي ألصقت به في نسبة الإرجاء إليه. وربَّما رأينا عكس ما يثبتها إذ نراه يؤكد على قيمة الأعمال كلما سنحت له الفرصة بذلك.
وليس من الغريب أن يتعيَّن اهتمام ابن سلاّم بالجانب الأصولي في انتقاء الكلمات. فالعصر الذي ظهر فيه، والبلاد التي نشأ فيها، يفسران وجهته تلك.
فقد نشأ ابن سلام في عصر كانت للعقيدة فيه المكانة المرموقة. فهو عصر تبلورت فيه المذاهب الكلامية، وتحمَّست كلّ فرقة فيه لما رأته.
كما أنه نشأ بالبصرة، ذلك البلد الذي التقى فيه الخارجي بالشيعي، وصاحب الأرجاء بالمعتزلي، للخوض في مسائل عقدية معلومة، كمسألة الكفر والإيمان، ومرتكب الكبيرة، وخلق القرآن والصّفات. وقد قال يحيى بن سلاّم حين سئل بالقيروان "ما أدركت النَّاس يقولون في الإيمان؟ " فأجاب: "أدركت مالكا وسفيان