الثوري وغيرهم يقولون: الإيمان قول وعمل، وأدركت مالك بن مغول، وقطن ابن خليفة وعمر بن ذر يقولون: الإيمان قول".
لكن الذي ينبغي ملاحظته في رأيي، هو أن النَّاظر في كتاب التصاريف لا يشعر بحرص المؤلف على نقل ما كان يدور بين هؤلاء وهؤلاء في تلك المسائل. فلا يفسّر الكلمة إلاّ بقول واحد، كما أنه لا يتعمَّق في شروحه. وغايته القصوى، بيان الاستعمال القرآني للألفاظ.
أوّل ملاحظة نبديها بالنسبة لهذه المسألة الاتفاق في ترتيب مجموعات من الكلمات بين كتاب التصاريف وكتاب الأشباه والنظائر لمقاتل بن سليمان. وقد أشرنا إلى هذه الملاحظة في موضع سابق.
ولم يتمّ ترتيب الكلمات في الكتابين على الأحرف الهجائية ولا حسب المحاور.
وقد لاحظت بالنسبة للجزء الأوّل، أن ابن سلاّم كان يبدأ دائما في ذكر النظائر بسورة البقرة، ولا يشذ عن ذلك إلا في شرح بعض الكلمات. كما لاحظت أنه قد تدرج بآياتها، من الآية الثالثة، وهي الآية التي وردت فيها كلمة هدى، أوّل ما جاء في الكتاب من الكلمات، إلى أن وصل إلى الآيات الأخيرة منها. ولم تتخلف هذه الطريقة في الجزء الأول إلا في القليل.
يستنتج من هذه الملاحظة أن ترتيب الكلمات في هذا الجزء ناتج عن أسبقية ورود الكلمة في المصحف. فكلمة "هدًى"، وردت في الآية الثالثة من سورة البقرة، لذلك جاءت قبل كلمة "الكفر" المذكورة في الآية السادسة. ثم وردت كلمة "المرض"، وهي في الآية العاشرة. وكلمة "الفساد"، وهي في الآية الحادية عشر. و "المشي"، وهي في الآية العشرين. الخ ... .
وهذا الترتيب شبيه بالذي جاء عليه كتاب لغات القرآن المرويّ عن ابن عباس. فإنه مرتب على السور، وقد استعرض راويه مجموعة من الكلمات، فأورد كل واحدة منها في آية أو بعض الآية، مثلما فعل ابن سلاّم في كتاب التصاريف، ثم شرحها. وعقَّب على ذلك باسم القبيلة التي تستعمل فيها الكلمة بذلك المعنى المذكور. مثال