وفي هذه الوقعة نهبت، وحرقت، وخلت من أهلها ولم يبق منهم بها إلا القليل ووصل خبر الفرنج إلى غازي بالموصل فجهز العساكر إلى الرها، فوصلت وقد ملكها نور الدين فبقيت بيده ولم يعارضه أخوه سيف الدين غازي «١» .
قلت: «ومن عجيب ما جرى أن نور الدين أرسل من غنائمها إلى الأمراء وأرسل إلى زين الدين علي جملة من الجواري فحملن إلى داره ودخل لينظر إليهن فخرج وقد اغتسل وهو يضحك فسئل عن ذلك (!) . فقال: لما فتحنا الرها مع الشهيد كان في جملة ما غنمت جارية مالت نفسي إليها فعزمت على أن أبيت معها. فسمعت منادى الشهيد وهو يأمر بإعادة السبي والغنائم وكان مهيبا مخوفا فلم اجتر [ء] على إبقائها وأطلقتها. فلما كان الآن أرسل إليّ نور الدين بسهمي من الغنيمة وفيه تلك الجارية (٢٤ ظ) ف فوطئتها خوفا من العود. انتهى «٢» » .
وفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة: حصر العادل نور الدين «٣» حصن حارم فجمع البرنس صاحب أنطاكية وقاتله فانهزم الفرنج وقتل البرنس «٤» .
قال ابن الوردي: وحمل رأسه إلى حلب وأسر أصحابه. وفي ذلك يقول [ا] بن المنير الأطرابلسي «٥» .
أقوى الضلال وأقفرت عرصاته ... وعلا الهدى وتبلجت قسماته
وانتاش دين محمد محموده ... من بعد ما علت دما عثراته