مدفونة في الأرض معدة لخزن زيت الجامع. وكان الأمر على ذلك إلى محنة تمر ثم سد الحاصل المذكور وقطع زيت المساجد الذي كان مرتبا من الجامع إلا مسجد القلعة.
واعلم أن كافل حلب تغري برمش- رحمه الله- نصب للتكلم على الجامع شخصا من مماليكه يقال له:«كزل» . وكان شكلا حسنا، ذا رأي وعقل.
فتكلم فيه بدين. والزم أصحاب الوظائف بمباشرة وظائفهم. وكسا الجامع حصرا كثيرة. وبّيض الشمالية داخلها وخارجها. وكان يتعاهد الجامع ليلا ونهارا قبل ركوبه إلى خدمة مخدومه. وكان في ليلة الجمعة يخرج إلى سطح داره ويشرف على مصابيح المأذنة فإن رأى مصباحا مطفيا جاء إلى الجامع ليلا وخاصم من له ولاية ذلك.
وربما ضربه. والزمه بالخروج إلى المأذنة. وإصلاح ذلك. ووفر من مال الجامع جملة.
ورأيته يجر البالوعة من عند البركة إلى منتهاها. ولم يعتمد على الفعلة بل لبس عباءة ونزل إلى السراب.
(٣١ ظ) ف فجزاه الله سبحانه وتعالى لما حبس في قلعة حلب عند خروج أستاذه عن الطاعة بأن خرج أهل البلد إلى القلعة بالأعلام. وشفعوا فيه وانزلوه إلى الجامع. وقال لهم عند نزوله: عندي مال متحصل من ريع الجامع فبنى به قناة الجامع. وضاق صدر المتكلمين على الجامع بسببه. وضرب واحد منهم بالعصى في الجامع على دبره. وانقطع النجم الوردي في منزله. ولم يخرج خوفا على نفسه. وكان ينشد كثيرا:
أيا كزل السوء لا تظلمن ... فكم جاء مثلك ثم انعزل
قلت: الله يعلم المفسد من المصلح. وكان يقول:«تركتني حجرا في هذا البيت ملقى.
ولا أستطيع الخروج بين الناس» . انتهى.
وفي سنة سبع وثمانين وسبعمائة قتل أبو بكر بن الركن المطاس بالجامع وسبب قتله أنه كان يظلم الناس.