وما مثل الدنيا وطلاب مثلها ... سوى جيف من حولهن كلاب
فتبا لها مذ جرّدت سيف غدرها ... لقتل الورى وما جف منه ذباب أ
فكم قتلت من ذي جلال ولم يقل ... كأن نفوس العالمين ذباب ب
لقد راع قلبي من تقلب دهره ... أمور قضت أن الحياة سراب
حوادث لم تتركن بي غير أدمع ... يشاب طعام لي بها وشراب
أرى الناس يمضي واحدا بعد واحد ... ولم أرهم بعد الترحل آبوا
(٩٢ ظ) ف
وهم كحباب الماء يعلو فينطفئ ... ولا طمع في أن يدوم حباب
يذيب «١» الثرى من ليس يحصون كثرة ... كهول وشيب قد مضوا وشباب
تفقدت أترابي فألفيت كلهم ... تضمنهم بطن التراب فغابوا
فماذا انتظاري أن فيهم لأسوة ... فلم يبق إلا أن تحث ركاب
ولكن أرجي أن أعيش لعلني ... ييسر لي قبل الممات متاب
وكان يهون الموت لو ترك الفتى ... ولم يكن في يوم الحساب عقاب
ولكننا نجزى ونسأل في غد ... ونقطع من دون الخلاص عقاب
فلا يتمني الموت شخص لشدة ... ينال بها من دهره ويصاب
إذا مات فات الأمر وانقطع الرجا ... ولم يبق إلا موقف وحساب
وما دام حيا قد يوفق للتقى ... فيفعل فعلا صالحا فيثاب «٢»
عجبت لهذا الدهر يفنى خياره ... وهم فيه زين أن ذا لعجاب
لقد أخذ الموت اللباب فلم يدع ... سوى القشر لا يلفى لديه لباب