وبيت أبي عبد الله بالبيرة معروف على شاطئ الفرات «١» .
وتوفي أبو جعفر بحلب يوم السبت منتصف رمضان سنة تسع وسبعين وسبعمائة ودفن بمقابر الصالحين. وكانت جنازته مشهودة. ورثاه رفيقه الشيخ أبو عبد الله بقصيدة طنّانة:
لقد عزّ مفقود وجلّ مصاب ... فللخد من حمر الدموع خضاب
مصاب لعمري مأصبت بمثله ... ولا أنا فيما بعد ذلك أصاب
فإن أبك لم أعتب وإن أرى صابرا ... فليس على الصبر الجميل عتاب
بكيت ولكن لم أجد ذلك نافعا ... ولا فيه إلا أن يضيع ثواب
فأبت لحسن الصبر وهو أجل ما ... إليه إذا جل المصاب يأب «٢»
لعمرك ما الدنيا بدار إقامة ... فللناس عنها رحلة وذهاب
إذا ما رأيت الدار ملأى فإنه ... سينعق فيها بالفراق غراب
ومن صحب الأيام كرت خطوبها ... عليه وكرّات الخطوب غراب
وكيف خلاص المرء منها وخلفه ... خيول الردى يجرين وهي عراب
لئن جمعتنا والجماعة رحمة ... فقد فرقتنا والفراق عذاب
تشاب بسم الموت والمرء غافل ... موارد منها للحياة عذاب
وما العسل الصافي شيء وإن حلا ... إذا كان بالسم القتول يشاب
يهول كمثل البحر إن هب عاصف ... فيهرم من أهوالها ويشاب
تفر الورى حتى إذا أطمعتهم ... فطالوا إلى نيل المراد وطابوا
رمتهم بأنواع الخطوب فلم تكن ... لتسمع شكوى أو يجاب جواب
يعدون من عز النفوس اكتسابها ... وما هو إلا ذلة وتباب
(٧٠ ظ) م