وجاد، وارتفع وعلا، وملأ الرعب قلوب الملأ، وقلع الغراس النابتة، ومما آثار الأشجار الثابتة. وجار على الجار برفعه وحطه. وهدم كثيرا من البيوت المبنية على شطه، وأهلك عدة من المواشي، واستطال معرضا عن لوم العاذل والواشي، ووصل إلى أماكن لم يصل إليها فيما مضى من الأزمان، ثم سكن بعد الحركة ولان، بعد الشدة والزيادة لا بد لها من نقصان.
وقال ابن حبيب:
لما طفا نهر قويق ولم ... يأت بسيب بل بسير غزير
قالت الأشجار من حوله ... مهلا لقد زدت علينا كثير
وفي سنة اثنين وثلاثين وثمانمائة في شهر جمادى الأولى زاد هذا النهر زيادة كثيرة، وخربت بيوتا بالقصيلة ظاهر حلب، وعلا الماء على الأشجار، وصل الماء إلى أسفل التلة التي خارج باب الفرج وذلك عقب الثلج الكثير الذي وقع بحلب ومعاملاتها. ودام أياما بجامعها كالتلال؛ وفي ذلك يقول الأديب الأريب الفاضل عماد الدين إسماعيل ابن الزيرتاج الشافعي تغمده الله تعالى برحمته- وستأتي ترجمته في الذيل «١» -: الحمد لله الذي أجرى الماء بقدرته وأوقف عقول أوليائه على بدائع حكمه، أحمده على ما منحنا به من فائض نعمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من أخلص في نيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من بريته. صلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه، والتابعين لسنته، وبعد فلما طغى الماء وزاد بظاهر مدينة وأكثر فيها الفساد، وحمل بجيوشه يجوس خلال تلك الديار، وهلك من