وسبب ذلك أن ابن قرالوك عثمان بن الطور كذا رأيته بخط سيدي الواحد رحمه الله- قارب حلب من قرا يوسف المتغلب على بعض بلاد العجم وكنت أنا إذ ذاك صغيرا لأن مولدي في سنة ثمان عشرة فأرسلني سيدي الوالد- رحمه الله- مع بقية الأولاد إلى القلعة واستمرت الرجفة إلى يوم الخميس فرجفوا رجفة أعظم من الأولى وأخرجت الناس عن آخرهم من البلد إلى المعاملات. وأخبرني والدي- رحمه الله- قال: جاءني قاضي القضاة علاء الدين ابن خطيب الناصرية- رحمه الله- وأنا واقف على باب الشريفة المدرسة وأعطاني نفقة. وكانت ذهبا وهو راكب على فرس عربي فأردت أن لا آخذها فحلف عليّ وألزمني بأخذها وقال: ها هنا تظهر الصحبة. ثم تعرف الناس في البلاد ولم يزالوا على ذلك.
وأما عثمان المذكور فإنه هرب من المذكور وكان رسم له السلطان أن يقطع الفرات العظمى فما منعوه من ذلك، وتفرق عسكره فرقا وجاء بعض أصحاب قرا يوسف إلى حلب، وقيل دخل منهم أربعة أشخاص من باب القناة وتفرقوا يفتشون على عثمان المذكور وذهبوا إلى بلد سرمين وداروا عليه فلم يجدوه. وفي هذه الأيام تواقع يشبك نائب حلب مع جيش قرا يوسف فوق تل (بابلى) وظهر عنها يشبك عن شجاعة لأنه كان في جماعة يسيرة فقتل جماعة وكسرهم ثم جاء الخبر أن قرا يوسف أحرق بعض عين تاب وأخذ من أهل القلعة الذين خرجوا إليها دراهم اختلف في قدرها فمن يقل ومن يكثر وعاث بها جدا. ثم عدى إلى البيرة وأحرق بعض البلد ثم منها إلى الرها وأخرب، وكان جماعة من أصحاب أبي بكر بن الفوز بقلعتها فقيل إنه لم يشاكلهم وما ذاك إلا أنهم كانوا مستخفين وفي نيتهم قتاله ثم جاء الخبر أنه جاوزهم ورجع على عقبيه وتراجع الناس إلى حلب في العشر الأواسط من شعبان من السنة المذكورة واختلف في سبب رجوعه فقيل إنه مرض وابنه وطعن ومات برأس العين. وقيل إنه رأى نفسه في جماعة قليلة فخاف على نفسه