لئن فخرت بالسبق طيء بحاتم ... وطالت به في الملتين «١» كرامها
فبابن خطيب الناصرية أصبحت ... على هامة الجوزاء تبنى خيامها
وما ضر خير المرسلين جميعهم ... إذا سبقته الرسل وهو ختامها
رجع: ثم حضر ابن الخرزي إلى حلب بسرعة في أثناء شهر صفر من سنة ثلاث وأربعين، ولبس تشريفه، وسكن ببيت ابن سلار بالجلوم فبلغ ذلك شيخنا فهم بالسلام عليه وأن يرسل له شيئا من الهدية فجاء إليه من أشار عليه أولا بما تقدم ومنعه من ذلك، فأم القاضي الجديد بحلب وأقام شيخنا ملازما بيته للإشغال والاشتغال.
وكان مكبا على ذلك محبا للعلم وأهله، وأذكر لك صفة اشتغاله: كان يخرج من بيته إلى بيت الكتب من ثلث الليل الآخر فيطالع إلى صلاة الصبح ثم يصلي الصبح ثم يشتغل حتى يضحى النهار فيفتح عليه الباب للقضاء بين الناس فيدخل عليه الفتاوي والأوراق فيكتب على الفتاوي والأوراق فيكتب على الفتاوي ويثبت «٢» الأوراق فإذا فرغ من ذلك أقبل على المطالعة فإن جاء أحد محدثيه يجده يطالع فلا يتكلم معه إلا كلمة أو كلمتين ثم يقبل على المطالعة فإذا قرب الظهر أغلق الباب وأقبل على المطالعة حتى يدخل وقت العصر فيصلي العصر ثم يجيء إلى المدرسة الشرفية إلى عند والدي- رحمهما الله تعالى- فيذكر له ما أشكله فيتذاكر إلى قرب المغرب ثم يذهب إلى بيته فيصلي المغرب ثم يدخل بيت الكتب للمطالعة إلى بعد صلاة العشاء بزمان ثم يدخل إلى حريمه.
فلما أقام شيخنا في بيته على الصفة المذكورة جاء إليه من جاء إليه أولا وثانيا.