تشريفه ودخل إلى الجامع فقرىء توقيعه. ثم جاء إلى المدرسة الشرفية وسكن دارا على بابها وهو بيت كمال الدين عمر بن العجمي- شيخ والدي- ولزم المدرسة الشريفة وحكم بها، ودرس بالمدارس، وباشر القضاء بدين متين وعفة زائدة، وعقل حسن يتلو القرآن وينكر المنكر يأمر بالمعروف، ويتصدق على الفقراء، ورتب له على ديوان السلطان كل شهر خمسمائة، وعلى بيت المال كذلك، وعلى الجامع كذلك وعلى العصرونية كذلك، ولم يلتمس شيئا من أموال الناس.
وكان نقيبه شمس الدين محمد بن الياسوفي فسمع القاضي بخمر في بيت عند خان الدهانين فأرسله لإراقته فسمع به طوغان وهو أمير بحلب. فأرسل خلفه وأحضره إلى بيته- بيت سودون- وضربه ضربا شديدا فجاء إلى الشرفية وهو على حالته من الضرب لا يقدر على المشي فقام الناس قاطبة على الأمير طوغان فأرادوا قتله فأغلق بابه ورمى مماليكه بالنشاب على الناس. فجرح أناس. فجاؤوا بالنار لإحراقه وتوجه القاضي جمال الدين إلى دار العدل ومعه الفقهاء فأعلم الكافل بذلك فأشهر الكافل النبأ على طوغان «١» بالإتيان إلى الجامع وقصد بذلك انفلال الناس عنه خشية قتله فحضر الناس إلى الجامع وكذلك القضاة فخرج هو فارا إلى العسكر الذين كانوا بالميدان واختبأ عندهم ثم أحضروه إلى الشرفية إلى القاضي جمال الدين وأدبه. وكان قد عزم على التوجه على الشام فدخل عليه القاضي محب الدين بن الشحنة حتى أقام وأما والده فولد بقرية الناصرة «٢» من أعمال صفد سنة/ اثنتين وخمسين وسبعمائة وحفظ القرآن وله عشر سنين، وحفظ (المنهاج) في مدة يسيرة ثم حفظ المنهاج