قاضي المسلمين ابن خطيب الناصرية قطعة من (المنهاج) حلا. وكتب برهة وبيض قطعة من تاريخه، ثم كتب حكم القضاة بعده والناس يميلون إليه لجودة خطه ودماثة أخلاقه، ولطف مفاكهته، وحسن معاشرته وغزارة عقله. وكان عارفا بالشروط وقرأ على ابن الخرزي شرح ابن عقيل على الألفية.
ودفن رحمه الله تعالى بالقرب من قبر الشيخ شهاب الدين بن هلال خارج باب الفرج.
وفي يوم الأربعاء سابع ربيع الأول بعد صلاة العصر خرجت غيمة عظيمة على حلب وسمع لها دوي كالرعد القاصف وألقت بردا كبارا كبيض الحمام وأكبر وخاف الناس من خراب البيوت خوفا عظيما وكانت ساعة عظيمة لم أشهد مثلها.
وفي ثاني عشر ربيع الأول توفي العبد الصالح شمس الدين أبو عبد الله محمد الخبّاز وكان عبدا صالحا ناسكا عابدا زاهدا متقللا من الدنيا منقطعا عن الناس يخبز في التنور. ومهما يحصل له ينفقه على الفقراء والصلحاء، هذا دأبه ويحفظ القرآن ويقرأه كثيرا. والسلطان والعامي عنده على حد سواء ولما كان بالقاهرة مر عليه بطعام السلطان. وكان مفتخرا فقال هذا منتن الريح. لأنه شمه على ما هو عليه.
فأخبرني من أثق به أن تغري ورمش نائب حلب جاء إلى الجامع مصليا و [مر] عليه. فازدحموا بالقبلية فجاء مملوك وضايقه فزيق عليه فقام من جانبه وصار المكان خاليا لا يجلس فيه أحد مع ازدحام المماليك.
وأخبر الشيخ ابن الشماع قال كنت أعمر بيتي وهو- البيت الذي بناه عند الدباغة- فضاقت يدي فجاء إلي ودفع إليّ دنانير فلما اتسعت يدي دفعت إليه الدنانير فلم يأخذها وكان لا يدخر درهما أبدا. ولا يقيم له علما بل من أقام علما بحلب دخل تحت علمه ولازمه.
وكان والدي- رحمه الله- يعتقده ويقول: هو أثبت قدما من مشايخه.