للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالبَصر أو بالسمع. والأول إما في الإسناد، كحديث شُعبة، عن العَوَّام بن مُرَاجِم بالراء والجِيم، صَحَّفَهُ يحيى بن معين، فقال: مُزَاحِم، بالزاي والحاء.

وإما في المتن: كحديث مَنْ صَامَ رَمَضَان وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال.

فصحف أبو بكر الصُّوْلي فقال: (شيئًا) بالشين المعجمة.

والثاني أيضًا إما في الإسناد: كحديث يُروى عن عاصم الأَحْول، رواه بعضهم فقال: وَاصِل الأَحْدَب، قال الدارقطني: هذا مِنْ تَصْحِيف السَّمْعِ، لا مِنْ تَصْحِيف البصر، لأنه لا يشتبه في الكتابة.

وإما في المتن: كحديث عائشة ، عن النبي في الكُهَّان (قَر الزُّجَاجة) -بالزاي- وإنما هو (الدَّجَاجة) بالدَّال.

أو مَعْنَىً: كما حَكَى الدارقطني عن أبي موسى محمد بن المُثنى العَنَزي أنه قال: نَحن قَوم لنا شَرَفٌ، نَحن مِنْ عَنَزة، صَلَّى إلينا رسول الله ، يريد ما ثبت في الصحيح: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى إلى عَنَزَة، وهي: حَرْبَةٌ صَغِيرة تُنْصَب بين يديه، فَتَوَهَّم أنه صَلَّى إلى قَبيلتهم بني عَنزة، وهذا تصحيفٌ عَجِيب، والله أعلم» (١).

ويقول الإمام الذهبي: «فَنٌّ واسعٌ مُهِمٌّ، وأهمُّه ما تكرَّر وكَثُر … » (٢).

قلت: وقد كان السَّلَف مِنْ العُلَماء شَدِيدِي التَّحَرِّي والتَّوَقِّي لذلك، سَاعَدَهُم على ذلك قُوَّةُ حِفْظِهم وتَحْقِيقِهم، وعُلُوُّ أَسَانِيِدهم، فَلَمَّا نَزَلت الأسانيد، وكَثُر في الشيوخ مَنْ يَقِلُّ تَحْقِيقُه، وتَسَاهَل البَعض في الرواية بالإِجَازة، والوِجَادَة، والمُنَاوَلَة، والأخذ مِنْ الكُتب دُون سَمَاع مُبَاشِر من الشيوخ = وقع الخطأُ والتَّصْحِيفُ، فقام الجهابذة النُّقَّاد يُصَنِّفُون في هذا الفن بعينه، وغيره مِمَّا يُشْبِهه


(١) «الخلاصة في معرفة الحديث» (ص ٥٧).
(٢) «الموقظة» (ص ٩٢).

<<  <   >  >>