للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المبحث الأول: التعريف بعلم المؤتلف والمختلف]

لا يخفى على أهل العلم -لا سِيَّما المشتغلين بدراسة الأسانيد منهم- ما خَصَّ اللهُ به هذه الأمة من خَصِيصة الإسناد، بل لم يَخف ذلك على أعدائها كذلك، فقد قال المستشرق اليهودي الأصل ديفيد صمويل مرجليوث: «والمُسلِمُون مُحِقُّون في الفَخْر بِعلم حَدِيثِهم» (١).

وقد تَفَرَّع عن علم الحديث ودِراسة الأسانيد الكثيرُ مِنْ العُلوم، وذلك لشدة التَحرِّي والتَوقِّي في الرواية -وما ذلك إلا بحفظ الله تعالى لدِينه وسُنَّة نبيه فلم يَدَع أهلُ العلم ثَغرةً يمكن أن يَلِج منها وَالِجٌ إلى الخطأ، إلا وسَدُّوها، فكان من تلك العلوم علم «المؤتلف والمختلف».

قال الإمام ابن الصلاح الشَّهْرَزُورِي : «النوع الثالث والخمسون: مَعرفة المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها.

وهو ما يأتلِفُ؛ أي يَتَّفِق، في الخَطِّ صُورَتُه، ويَختلف في اللفظِ صِيغَتُه، هذا فَنٌّ جَلِيلٌ، مَنْ لم يَعْرِفْه مِنْ المُحَدِّثين كَثُر عِثارُه ولم يَعْدِم مُخَجِّلًا.

وهو منتشر لا ضابطَ في أكثره يُفزَع إليه، وإنما يُضْبَطُ بالحفظِ تَفْصِيلًا، وقد صُنِّفتْ فيه كتبٌ مُفِيدة، ومِن أَكملها «الإكمال»، لأبي نصر ابن ماكولا، على إعوازٍ فيه … » (٢).

ويقول الإمام الطِّيْبي : «المُصَحَّف: هذا فَنٌّ جَلِيلٌ، إنما يَنْهَضُ بأعبَائِه الحُذَّاق من الحُفَّاظ، والدَّاَرَقُطْنِي منهم وله فيه تَصْنِيف مُفِيد، ويكون مَحسُوسًا إما


(١) «محاضرات عن المؤرخين» لمارجليوث ص (٢٠)، ترجمة عبد الله الشهري. ونقله الإمام المعلمي اليماني عنه في مقدمة تحقيقه لكتاب «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، بمعناه.
(٢) «مقدمة ابن الصلاح» (ص ٥٩٠ تحقيق بنت الشاطئ).

<<  <   >  >>