قال الأَمِيرُ الحَافِظُ أبو نَصْرٍ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بن جَعْفَر بن مَاكُولَا ﵀:
الحَمدُ لله الذي تَفَرَّد بالكَمَال، فلا نَقْصَ في تَمَامِه، وتَوَحَّد بِمُتْقَن الفِعَال، فلا خَلَل في أَحْكامه، وقَرَّر الأمور على مَشِيئَتِه، فلا نَقْضَ لإبْرَامِه.
وصلواته على مَنْ أَرْسَله رَحْمَةً إلى خير أُمَّةٍ أُخْرِجَت للناس، وطَهَّر به القُلوب الصَدِئَة مِنْ الأَدْنَاس، وجَعَله للأنبياء صلوات الله عليه وعليهم مُكَمِّلًا وخَاتَمًا، وصَيَّره إلى الحق داعيًا وبه قَائِمًا، وعلى أهل بيته وأصحابه وأزواجه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد ذلك،
فإن أبا بكر أحمدَ بن عَلِي بن ثابت الخَطِيب البَغدادي ﵀ وكان أَحدَ الأعيان ممن شاهدناه معرفةً، وإتقانًا، وحفظًا، وضَبطًا لِحَديث رسولِ الله ﷺ، وتَفَنُّنًا في عِلَلِه وأسانيدِه، وخِبرةً برُواتِه ونَاقِليه، وعِلْمًا بِصَحِيحه، وغَرِيبه، وفَرْدِه ومُنْكَرِه، وسَقِيمه، ومَطْرُوحِه، ولم يَكُنْ للبَغْدَاديِّين بعدَ أبي الحَسَن عَلي بن عُمر الدَارقطني مَنْ يَجْري مَجْرَاه، ولا قام بعده بهذا الشأن سِواه.
وقد استفدنا كثيرًا مِنْ هذا اليَسِير الذي نُحسِنُه، وبه وعنه تَعَلَّمنا شَطرًا من هذا القَليل الذي نعرفه بِتَنْبِيهِه ومَنِّه، فجزاه الله عَنَّا الخَير، ولَقَّاه الحُسْنَى ولِجَميع مشايخنا وأئمتنا ولجميع المسلمين = كان قد عَمل بالشَّام كِتابًا سَمَّاه «المُؤْتَنِف