تَفَرَّد سبحانه بالجَمال والكَمال والجَلال، وأَبَى أن يَكُونَ كاملًا إلا هُو، بأسمائه وصفاته، كما أَبَى أن يكُون كاملًا إلا كِتابه، فَكتب النَّقْصَ على كل خَلْقِه أَشْخَاصِهم وأَعْمَالِهم وأَقْوالِهم.
والصلاةُ والسَّلامُ على مَنْ خَصَّهُ اللهُ مِنْ بَيْن جَمِيع خَلقِه بالكَمال، فكان كما قالت عائشةُ ﵂ لما سَألها سعدُ بن هشام عن خُلُقِ رسولِ الله ﷺ فقالت-: «فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ الله ﷺ كان القُرآن».
فاللهم صَلِّ وسَلِّم وبَارك عليه وعلى آله وصَحْبه وسَلِّم تَسليمًا كثيرًا.
وبعد، فكما أَوْلَى ربُّنا ﵎ رسولَه الخَاتَم بعنايته، فاخْتَصَّه بِمَعَالي الخِصال، وعظيم الخِلال، فكذلك اخْتَصَّ شَريعتَه وأُمَّتَه مِنْ بين الشَّرائِع والأُمَم، فأَوْلاها عنايتَه وحِفْظَه، فَخَصَّها بما لم يَخُص به أُمَّةً مِنْ الأمم قبلها، وأَلْهَم مَنْ شاء مِنْ هذه الأمة بالقِيام بحفظ الشريعة، والذَّوْد عنها، فقام الجَهَابِذة الكبار مِنْ العُلماء الرَّبَّانِيِّين بحفظ ما وَرِثُوه عن نبيهم، وقَعَّدوا القواعد لذلك، وأَرْسَوا دَعَائِم عِلم الإسناد الذي خَصَّهم الله به عن سائر الأمم، وتَفَنَّنُوا في أنواعه فيما لا يَخفى