وبعد، فأرْجَح الأقوال هو الثالث: خامس شعبان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
[حياة الأمير]
هل كان له إخوة؟ وهل كانت دارهم التي كان يدعى إليها شيوخ العلماء ليسمع الأمير منهم هي دار عَمِّه قاضي القضاة الحسين أيضًا؟ وهل تزوَّج الأمير؟ وهل وُلد له؟ في أسئلة أخرى لا أملك الجواب عنها، فلأقتصر على ما أملك.
القَدْر الذي وقفت عليه من حياة والد الأمير وأخويه يُبَين أنّ اللذين وَلِيا الوزارة، وهُما الحَسَن، وهِبةُ الله، عاشا عِيشة مُضْطربة، في مَدّ وجَزر، ومتاعب ونكَبات شديدة منهما وبهما، حتى مات الأول قتيلًا، والثاني سَجينًا، وسَلِم الثالث الذي اختار العلم، وهو الحسين، فلا غَرابة أن يَعْتَبِر الأميرُ بذلك، فيختار جانب العلم، والأمير هو القائل:
تجنبتُ أبوابَ الملوك لأنّني علمت بما لم يعلم الثقلان
رأيت سُهيلًا لم يَحِد في طريقه عن الشمسِ إلا من حذار هوان
ولا غَرابة أن تتشبث به الوراثة، فيأخذ من الإمارة بنصيب لا يعوقه عن العلم، ولا يعرِّضه لما أصاب أباه وعَمَّه.
ولنبدأ بالشطر الأول وهو جانب العلم:
[طلبه العلم]
ليس بأيدينا ما يصف لنا بداية الأمير في طلب العلم، غير أنّه لا يخرج عمّا كان معروفًا لأبناء الأمير الجامعة بين الإمارة والعلم، يُرَتَّب له في بيت أهله مؤدِّبٌ يحفِّظه القرآن ويعلِّمه القِراءة والكتابة، ثم العربية والأدب والحساب، ويروِّضه على المحافظة على الواجبات الدينية، والآداب اللائقة بمركز أهله.
وقد كان الأمير نحويًّا مُبَرَّزًا، وشاعرًا مَجِيدًا كما يأتي، وهذا يبين عنايته بهذا