وهو أيضًا شَرح لكتاب الذهبي «المشتبه» وفي ذلك يقول الحافظ: «فإنني لما علَّقت كتاب المشتبه الذي لَخَّصَه الحافظ الشهير أبو عبد الله الذهبيِّ ﵀ وجدتُ فيه إعوازاً من ثلاثة أوجه:
أحدها، وهو أهمُّها: تحقيقُ ضَبْطه، لأنه أحال في ذَلِكَ عَلَى ضبط القلم، فما شفى مِنْ ألَم.
ثانيها: إجحافه في الاختصار، بحيث إنه يعمد إلى الاسمين المشتبهين إذا كثرا فيقول في كل منهما: فلان وفلان وفلان وغيرهم، وهذا لا يَروِي الغُلَّة، ولا يَشْفِي العِلَّة، بل يُبقِي اللبس عَلَى المستفيد كما هو، وكان ينبغي أن يستوعب أقلّهما.
وثالثها -وفيه ما لا يرد عليه إلا أن ذَلِكَ من تَتِمَّة الفائدة-: ما فاته من التراجم المستقلَّة التي لم يتضَمَّنها كتابُه مع كونها في أصل ابن ماكولا، وذَيل ابن نقطة اللذين لخَّصَهما، وزاد من ذَيل أبي العلاء الفرضي وغيره ما استُدرك عليهما، فاستخرْت الله تعالى في اختصار ما أسهب فيه، وبَسْط ما أجحف في اختصاره، بحيث يكون ما أقتصرُ عليه من ذَلِكَ أزيد من حجمه قليلاً. فأعان الله عَلَى ذَلِكَ، وله الحمد».
قال الشيخ المعلمي اليماني ﵀ في مقدمة تحقيقه لكتاب ابن ماكولا، وهو يتحدث عن كتاب ابن حجر «تبصير المنتبه» -: «والكتابُ نفسُه فيه مواضع دون مستوى المؤلف؛ وذلك للاستعجال وكثرة الأعمال والحرص على الاختصار».
قلت: فهذه أشهر المصنفات المطبوعة في هذا الفن والتي عليها المُعَوَّل والمرجع عند الحاجة. اقتصرت عليها دون غيرها، وإلا فهناك مصنفات أخرى لم تطبع إلى الآن، أحيل القارئ فيها على كتاب فتح المغيث في الموضع الذي ذكرته قبل ذلك في الحاشية، وعلى مقدمة الشيخ اليماني لكتاب الإكمال لابن ماكولا.