تَاريخ أبي سَعِيد بن يونس لِيُمَيْن ذِكْرٌ، ويَبْعُدُ مَع تَعَصُّبِه ومَا كَان مِنْ عِنَايَتِه بِتَارِيخِه أن يَجْهَلَ لِيُمَيْنٍ أَمرًا لو كان صحيحًا -مَع قِدَمِه وكَوْنِه مِنْ كُبَراءِ التَّابِعين- ويُشْبِه -والله أَعلم- أن يكُون الحَدِيثُ مَرْوِيًّا عن شَيْخ مِنهُم يقال له: ابنُ يُمَيْن، فَسَقَط في النَّقْل عَلى مَنْ حَدَّث أبا الحَسَن، أو على غيره.
وابنُ يُمَيْنٍ الذي ذَهَبتُ إليه هو: شَيْخٌ يَروي عن عبد الله بن عَمرو، واسمُه: حَيَّان بن الأَعْيَن بن يُمَيْن بن سُلَيع الحَضْرَمِي. وقد ذَكَره أبو الحَسَن في أَثر حَدِيث يُمَين المَذكُور» هذا آخر كلامه.
وقَطْعُه بِغَلَطِ أبي الحَسَن فِيه -لأن ابن يونس لم يَذْكُرْه- وَهَمٌ عَجِيبٌ؛ وكَأنَّ الذي يُعنى ويَجْمَع ويَتَقَصَّى لا يَجُوز أن يَفُوتَه شَيء!
هذا أبو الحَسَن ﵀ قد جَمَع «المُؤْتَلِف والمُخْتَلِف»، وقد زَاد الخَطِيب عَليه، وقد زِدْتُّ على الخطيب فيه، وهَكذا أَكثر المُصَنِّفِين يُزَاد عَليهم.
وقد كان الخَطِيبُ مِنْ أَوَّل تَنَبُّهِه عَلى العِلم يَجْمَع «تَارِيخ مدينة السلام» وقد أَخَلَّ بِذِكْر خَلْق مِنهُم مَع تَقَصِّيه وبَحْثِه وطَلَبِه ذَلك في البلاد البَعِيدة وتَفْتِيشِه له مِنْ كُلِّ كِتَاب ومِن كُلِّ طَالِب، ومع هَذا كُلِّه فَقَد تَرك ذِكْرَ مَشَاهِير، ما ضَمَنَّهُم كِتَابَه مِثل المَنْجَنِيْقِي، وهو إمامٌ حَافِظٌ جَلِيلٌ أَشْهَر مِنْ فَلَق الصَّبَاح … (١) فَهل يَجُوزُ لِقَائِل أن يَقُول أنه لَيْس بَغْدَادِي لأنَّ الخَطِيب لم يَذْكُره.
وهذا باب وَاسِعٌ، وقد استدركنا عليه خَلْقًا كَثِيرًا في كتاب «تاريخ مدينة السلام» ولعلنا بِتَوفِيق الله تعالى نُخْرِجُ تَصْنِيفًا فِيه، إن أعان الله تعالى عليه.
وقولُ الخَطِيب في يُمَيْن:«لكَونِه مِنْ كُبَراء التابعين». وليس مَنْ أَدْرَك عبدَ الله ابن عَمرو يَكُونُ مِنْ كُبَراء التَّابِعين، وإنما يُقَال ذَلِك فِيمَن أَدْرَك الصَّدْرَ الأَوَّل. والله تعالى الموفق.
(١) مكان النقط مطموس بمقدار كلمتين الأشبه أنهما (وغيره معروفون).