للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى انثنى عنه لينزل عطفه ... في موقف فيه الجباه تعفر

فالجو طول اليوم تبر ماطر ... والترب طول العام مسك أذفر

ولقلت الأرواح لو نثروا له ... لو كانت الأرواح طا تنثر

وإذا نظرت إلى بدائع ابن نباتة (١) في هذا الباب لشاهدت منها اعجب العجاب. فلنحل فمك من بعض نباتاته. منها:

قدمت كالسيف إلى غمده ... واليمن موقوف على خده

قد أثرت فيك ليالي السرى ... ما أثر السن بافرنده

وعدت مشكور الثنا والسنا ... كذاك عود البدر في سعده

لله ما أسعدها طلعة ... يحيى بها الوابل من مهده

نعم وما أعينها عزمة ... سلمها الرأي إلى رشده

عزم فتى سورة إخلاصه ... في البر قد أفضت إلى حمده

ما ضر ركبا كان بدرا له ... أن لا يراعي الشهب في قصده

كأنني أبصر بين الفلا ... حماه يستدعي إلى رفده

مخيما تنثر الطافه ... نثر سقيط الوبل من عقده

يستمسك العاني بأطنابه ... فليس يحتاج إلى رده

هذا وفي جلق وجد عشت ... طوارق الحزن إلى وقده

صان حماها منذ فارقته ... ما أوهن الغاب بلا أسده

ومزق الروض بها كلما ... حاكت خيوط الودق من برده

شوقا إلى مرتحل أقسمت ... لا تبسم الأزهار من بعده


(١) مرت ترجمته في ص ١١٤ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>