يعاشر الشيوخ الصوفية، ويحضر معهم السماع، ويحدو لهم فيسكرهم طيب حدوه، وغرابة شدوه فهو كما قيل: ما أنت حين تغني في مجالسهم ... الا نسيم صبا والقوم أغصان زارني يوما فسألني ان أقرأ عليه ترجمته من الكتاب الذي ترجمت به شعراء المصر والعصر وسميته «مراتع الأحداق» فأخذت أقرأ السجع الذي اوردته في مدحه حتى انتهيت الى قولي منها: يا من يجاريه بفن الغنا ... حاذر على ذقنك من حلقه فاستحسن التورية في حلقه، وضحك كثيرا. ومات سنة ست وثمانين والف». وذكر له قطعتين ذكرهما كاملة صاحب الروض وترجم له صاحب شمامة العنبر (١٨٩ - ١٩٧) فقال عنه «نادرة اسمارى وجهينة اخباري. ومسن اقلامي. بمفاكهته اقتطف زهرة أيامي، وبالمشحوذ من قريحته اصلح السقيم من اقلامي ... امتزجت سلافة اخلاقه بطبعي امتزاج الماء بالبابلي المشعشع، وما ذاك الا أنه بكل الذي يهوى نديمه مولع. كبير مع الكبار، صغير مع الصغار كيفما دارت الزجاجة دار ... هو مع مشايخ الطريقة محبب وكل له مريد، وفي القراء قارئ مجيد، مجود للقرآن المجيد. وفي هذا النثر بالنسبة الى رجال الخفاجي محمود مشكور، وفي النظم ضحكت قوافيه بمصفوف الثغور ... وفي الموسيقى اعار ابراهيم الموصلي الحلاوة والحنين، وفي البديع ثنى الشيخ الموصلي عز الدين. وفي التاريخ قلت في خاطري لو شاء لنظم تاريخا في بيت لا يستحيل بالانعكاس ... وفي المنادمة يبكي لرقة مسامرته النديم ... له من تواريخه في الناس اسنى خيرات تلاحظ الانسان من ولادته الى الممات. ما ولد في الموصل مولود الا وله تاريخ بعروة المهد مشدود. ولا قضي عليه الا ودخل مع ملك الموت اليه تاريخه ... ما رأيته مسك القلم الا ودرج على ان التاريخ نوع من البديع يبتغي النداء الى تلك الفكرة بيا قريب الفرج. واما مجونه فقد فضح ابن حجاج. وتوريته دارت فكر ابن حجة، على انه في الغرام على بيضاء نقية واضح المحجة.