للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغداد دار السلام (١) وما فيها من الأدباء الكرام

أما بغداد. فهي ارم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد. طيبة الماء والهواء، التي اتفقت على لطافتها الآراء. ذات حدائق وجنان، تسمو سبا وسائر البلدان. فهي البلدة الطيبة، والعروس المتحببة. قصورها مشيدة، وأوقاتها سعيدة. كلها أعياد ومواسم، وثغورها بالإقبال بواسم. قد جمعت من الحسن والإحسان. ما يربو بلطافته فردوس الجنان.

قد زادتها دجلة حسناً بانخفاضها، وخدمتها بما أودعته في جداولها وحياضها. تمير ماءها تحت البيوت والقصور. وتقبل بشفاه الأدب أقدام تلك البروج والثغور. فمرة تصفو فتزيل الكمد، وأخرى تربو فتنسج على وجهها الزرد. وهي خادمة الرصافة، تنمو على ماء السماء باللطافة.

شرك النفوس ونزهة ما مثلها ... للمطمئن وعقلة المستوفز

وهي ذات مروج وأزهار، وجنات تجري من تحتها الأنهار.

قد حفتها أيدي الملاحة. وزفتها بأنواع الانفراد وأصناف الرجاحة فكل بقعة منها تحكى بأزهارها النضار، وكل مليح فيها يخجل بقوامه الغصون وبملاحته الأقمار.


(١) سمي المنصور العباسي المدينة التي أنشأها مدينة السلام. غير ان المتأخرين اخذوا يطلقون عليها دار السلام خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>