للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله المدرس (١)

أحد الفحول، المعول عليه في الفروع والأصول. فهو إمام المتورعين، ومرجع المتشرعين، ورع الزمان، عمسان المعارف والاذعان. ذو الفنون الغريبة. والآثار المطربة العجيبة. الداخل


(١) ترجم له صاحب منهل الأولياء (١: ٢٥٠) فقال: العالم الزاهد عبد الله المدرس الربتكي الكردي. منسوب الى قرية من قرى الاكراد الحميدية يقال لها ربتك (بتقديم الباء الموحدة على المثناة بوزن رمتك للمؤنثة الغائبة.).
كان شيخ وقته، وامام عصره، وفريد دهره. زهدا وورعا وعفة وديانة، وخطابة وتأليفا وترصيفا.
قرأ على شيوخ جلة من علماء الاكراد، ورحل في طلب العلم الى ان جمع اشتات الفضائل، وشوارد المحاسن. وتوطن الموصل فاشتغل عليه الناس، وانتفع به العوام والخواص. ورحل الى القسطنطينية فاظهر علما جزيلا، وفضلا طائلا، وصادف قبولا، ثم عاد الى الموصل. وكان من محاسن الاخلاق والأعمال في المكان الذي لا يدرك.
له شروح عديدة في علم الفروع والأصول، ورسائل مفيدة، منها: مختصر الزواجر، وشرح المنهاج، وتعليقات كثيرة على المواطن المشكلة من أنواع العلوم.
وكان رفيع الجاه، عالي القدر عند الملوك والأكابر، متعففا عما في أيديهم، غنيا عما لديهم، لا يأخذ جوائزهم، ولا يقبل صلاتهم. مجاب الدعوة، ما خرج في استسقاء إلا سقوا، ولا دعا على ظالم إلا قصم.
وكانت الهدايا تأتيه من النواحي والأطراف فلا يقبل منها الا ما يغلب على فكره انه حلال خالص. وكان اذا حضر عند الملوك لضرورة حوائج الناس يكون صائما لئلا يأكل أو يشرب عندهم. ولم يزل عزيزا مكرما عند الناس حتى توفاه الله طيبا طاهرا عن المثالب سنة تسع وخمسين ومائة وألف، فمات بموته علم كثير.
وعليه قرأ شيخنا السيد موسى الحدادي، وبه تخرج، وغالب معلوماته منه استفادها. وكان يحب علمي الحديث والتفسير، ويكره علم الحكمة. طلب منه شيخنا المذكور أن يقرأ عليه منها شروح الهداية فقال يا بني قد ذهب العمر في هذه الفنون، وأرى أن أكف عنها فان قولي قال رسول الله كذا أولى وأجدر بي من أن أقول قال أرسطو كذا. فاذهب فاقرأه على من شئت. فقرأه على العلامة صبغة الله الحيدري، وولده عبد الغفور.
كان عارفا بعلوم القراءة معرفته بها، أتم من معرفته بغيرها.
مات ولم يعقب. وأظن انه مات في حياة والده.-

<<  <  ج: ص:  >  >>