بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي نزه العيون في محاسن المعارف، وسرح الجفون في رياض الأدب. رياض تحاكى الروض النضر، وأزاهير تشاكل حسان العصر، قد البت أصناف اللطائف، وجمعت ضروب الأدب. فكم حديقة قد حدقت بصنوف شقائقه فرقت وراقت، وكم جنة تزخرفت بنور أنوار أزهاره فتاقت وفاقت. فيا لله ما ارفع منار الأدب قدرا. وما أوسع أمة الكمال (١) صدرا. يعطي المتعاطي به على أقرانه امتيازا، ويرفعه على أبناء عصره وأوانه حقيقة ومجازا. فيكسب من ورود مناهله العذبة فضلا وكمالا، ويحوز في ارتضاع ثديه الشهدي المذاق مجدا وجلالا. فمورده الصافي الشهي أعذب الموارد، والوصول إلى كنه ذاته الضافي البهي غاية المآرب والمقاصد.
أحمده حمدا على نعم لا تفنى من معادن المعارف دررها، ولا تأفل من جباه وجوه العوارف غررها. واشكره على ما خصنا به من الخوض في بحور بديع البيان والمعاني، وإرسال العنان في حلبة ميدان المكارم ومعجز الألفاظ من غير توقف