للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتح الله بن الصباغ (١)

أحد العلماء الأعلام، والفضلاء الذي أعيا عن درك كماله الأوهام. أصول شجرة البيان الغني عن التوصيف والبيان، الصابغ


(١) ترجم له صاحب منهل الاولياء (١: ٢٦٥) فقال: الشيخ فتح الله بن الصباغ الموصلي. كان عالما متوقد الفكرة، لوذعيا فائق الفطنة، ماهرا في كل فن. متضلعا في كل علم. له تآليف عديدة، وحواشي وتعليقات مفيدة. لكنه كان محروما من الرزق. قليل الحظ من العيش مدة مكثه في الموصل. وقد قيل: كف بخت خير من كر علم. فكان نشر علمه هنا راكدا ونشر فضله مطويا. وديباجة فطنته رقعة، ودكان عطره حانوت حداد.
هذا والطلبة عليه معتكفون، وفي فوائده راغبون، وله طالبون.
وما ينفع المقبور عمران قبره ... اذا كان فيه جسمه يتهدم
وحدثني بعضهم قال: جاءت اليه جارية صغيرة من بيته تطلب ثمن بصل، فلم يجد شيئا. وأبى أن يعطيه أحد الحاضرين. ومر علينا يهودي فباعه خفه واشترى به بصلا لبيته.
وصدق فيه قول القائل:
كم عالم عالم أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا
وقد احسن من قال في جوابه:
سبحان من وضع الأشياء موضعها ... وفرق العز والاذلال تفريقا
وقال الآخر:
بؤسى اللبيب وطيب عيش الجاهل ... قد أرشداك الى حكيم عالم
ومكث على هذه الضرورة ومكابدة الضيق، ومعاناة شظف العيش مدة مديدة، حتى ورد علينا والينا من قبل الدولة العلية حسين باشا الدرندي في التاريخ المذكور سنة اربعين ومائة والف. فاصطفاه لنفسه، وحمله الى دار انسه، فسكن في درنده مكرما معززا. مدرسا وفقيها، ومرجع دانيها وقاصيها.
ومات هناك. وأولاده الآن واحفاده كبراء تلك البلاد ولم يكن له نظم والله اعلم. وترجم له محمد بن مصطفى الغلامي في شمامة العنبر (٢٦٥) فقال:
فتح الله افندي بن الصباغ معدود من الطبقة الاولى من مشايخ علماء العصر، والصدور الذين رأى بحور علومهم مدا بلا جزر. له عدة بل نضدة تآليف نثرت اوراقها من غصون أقلامه، كادت ان تحكي لكثرتها اوراق الخريف عندي منها مختصر بديعية ابن حجة. ليس له به كلام كثير، اطلعني قوة ذلك الكلام على باعه في الادب ... سمعت له أبياتا عدها طبعي نسائم سحر او عتاب حبيب ووصل بعد هجر.-

<<  <  ج: ص:  >  >>