والايام كما علمت مولعة بمعاداة اهل النباهة. فنافق لتنفق فقد قامت دولة السفاهة. فثارت لهذا الفاضل حمية العلم من الشيخ والدي ابن غلام واجرى ذكره في مجلس بعض الحكام. فسيره مبجلا الى بلدة الوالي. تجري عليه نعم اكلها دائم وظلها، وتسلم هناك مدرسة شريفة الوظائف لما بان انه احق بها واهلها. ثم لم تزل تتوارد كتبه على الوالد ورود القطا على الماء، وينتشر من اردان تلك اللطائف فرائد الفصاحة، تتضمن نثار الثناء على جزيل العطاء. الا انه كان رحمه الله يتشوق الى مسقط رأسه تشوق الظمآن للماء، ويتأوه على ديار أهله تأوه الثكلاء، ويستمد من الوالد على التثبت بالدعاء. فما رأيت في صدر كتاب للوالد يقبل الأرض عبد قد أضر به ... طول البعاد وهذا البعد يهلكه يود في عمره ان لا يفارقكم ... «ما كل ما يتمنى المرء يدركه» ثم مضى الغلامي يعترض على هذا التضمين وينقده وذكره داود الجلبي في كتابه مخطوطات الموصل (ص ١٤) مع من ذكر ممن اشتهر بالتدريس فقال عنه الشيخ فتح الله ابن الصباغ كان متضلعا في العلوم وله تآليف وحواشي، لكنه في ضيق العيش، اتته يوما يوما جارية صغيرة من بيته تطلب منه ثمن بصل فلم يجد شيئا يدفعه، ومر به يهودي فباعه خفه واشترى به بصلا. وبقي على هذه الحالة مدة. ثم ورد الى الموصل واليا عليها حسين باشا الدارندي سنة اربعين ومائة والف وعند انفصاله صحبه معه الى دارنده فصلحت حاله، ومات وأعقب اولادا هناك. ولم يرد في كتاب مخطوطات الموصل ذكر لتآليفه وحواشيه.