بحر البراعة شمس كل براعة ... غيث النوادر مزنة الألباب
له من النظم ما لو أبصره الدهر لاتخذه لنحره عقودا، أو نظره البدر لجعله لصدور أقماره نهودا. وقد أثبت منه ما هو لنحور الغيد الحسان، قلائد الياقوت والمرجان. فمن ذلك قوله في وقعة الخارجي (١) وهي:
ألخلة سكن الابارق عيرهم ... أرقى وفي طي القلوب مسيرهم
أم فوح ناسمة تهب عليهم ... فسرى ألي شذاهم وعبيرهم
أو برق هامعة أضاء بلعلع ... فطلولهم منها بدت ودؤورهم
دمن عفت من بعد ما انسوا بها ... دخلت عليهم شهرهم ودهورهم
فغدوت أسأل عن معاهد أهلها ... صما خوالد كيف كان أمورهم
رحلوا وقد عهدوا تلافي حبهم ... وأنا على تلك العهود أسيرهم
فأجابني قفر المنازل والربي ... لا يلقينك في الضلالة زورهم
هيهات ان صبابتي لسجية ... لم يمحها لعهودهم تغييرهم
حاشاي أن أسلو فإني أكتفي ... من وصلهم بالطيف حين أزورهم
(١) يريد بالخارجي نادر شاه الذي حاصر الموصل سنة ١١٥٦ هـ. والقصيدة في مدح الحاج حسين باشا الجليلي الذي دافع عن الموصل في ذلك الحصار.