إمام أئمة البراعة، وهمام أسنمة اليراعة. الذي أصبح لعين الكمال انسانا، ولأكف المعالي إصبعا وبنانا. التقط من مصنفات أهل العلم كل درة جبراً لخاطرهم، وتصرف فيها بأنواع التصرفات مع أن بحره مستقى من جواهرهم. فلم يبق في العلم درج ولا كتاب، إلا ونقشه بحواشي خطه الذي هو الذهب المذاب.
فتصانيفه لا تعد، وتآليفه لا تحد، متداولة بالأيدي والأنامل، ومتطاولة على الأكارم والأفاضل، غنية عن التعريف والبيان، لامعة كلمع السنان في البنان.
وقد مات وهو شاب، بعد أن ملأ من العلم الرحاب، ودفن معه علم لو قسم على أهل الأرض لكفاهم، وعلى أهل العصر لأشبعهم ووفاهم.
وقد صحبت نجله حسن، فرأيته حسنا يفتخر بحسنه على أبناء الزمن. قد صرف أوقاته إلى الزهد والطاعة، وجعلها دون التدريس من نفائس البضاعة. لا زالت سحب الرحمة تحفهم، وشآبيب الغفران تلفهم.