وأيم الله أني رشفت من حديثه ما ذكرني ذات العصر القديم تشابها. لو سمعها ابن الرومي لتلا ألم غلبت الروم، وكان من حسده في كلتا الحالتين ألم. ورقائق تغزل لو مرت نسائمه على معطس ابن هاني لاستشعر ان تنبيه الكأس والإبريق وهما جمادان خطرة من وسوسة. وفصاحة لسان يعلم سامعها أنها حمامة تسجع لا يصيدها من نصب لها الشرك في المدرسة.
بل هي أمر وهبي ليس للمكسب فيها مدخل، وملكة نفسانية من لدن حضرة القدس تتنزل. لا أقول هذا وعندي إن صدره الشريف ليس هو بالعلوم معمور مغمور، بل أقول انه فتح له هذا الفيض الإلهي فكانت هذه الموهبة له نوراً على نور
فيا له فصيحاً سحب الذيل على سحبان، وتسلطن مؤلفه على ابن خاقان. وتزخرفت له جنان الجناس فلم يرض ورودها عند ورودها، بل مال إلى قريحته المشتعلة ونادى فكره قودها عند وقودها.