فأنت الذي في كل يوم تحجه ... وفود له منها غني ومعدم
وقاصد حج البيت في العام مرة ... وذلك ممن يستطيع ويقدم
فلا زلت للإسلام شيخاً وملجأ ... وركناً ومقصوداً تجود وتنعم
هذا العيد بين الأيام، كالمولى بين الأنام. فكما نهنيك به يهنينا بك، وكما نرفع الأيدي بالدعاء به إلى الله نرفع أيدي الدعاء لك. وان كان به الحج، وبه العج والثج (١) فالمولى أيده الله كعبة الجود وزمزم الكرم، وفي كل يوم مقصود وعلى بابه تنحر النعم. وإن كان شهره خاتمة الشهور، فالسيد السند أدامه الله ثمرة الأفاضل ونتيجة الدهور، فلا زال ركن الفضلاء وملجأ الضعفاء، وملاذ الأدباء.
فانظر إلى هذه المناسبات الوحيدة، والعقود النضيدة، والألفاظ الفريدة، فإنها كعقود الجمان، غريبة بهذا الزمان.
*** وله رسالة أخرى في قاضي عسكر الروم مثلها:
أهنيك في عيد سما بك رفعة ... وما كان لولا النحر يعرف عيد
فأنت به الأيام عيد على الورى ... وهذا عليهم كل عام يعود
نهنيك في ذا العيد كما نهني أنفسنا بك، وندعو الله بدوام سعادته عليك كما ندعو بطول البقاء لك. فأنت مركز دائرة الأفاضل، وقطب فلك الفضائل. ونحن وان لم نر من حسنات آثارك، فقد استنشقنا من شذاها أخبارك، وقد حج العبد لكعبة بابك، ليستمسك بالعروة الوثقى من جنابك. تنتثر منه حوادث
(١) العج: الصياح ورفع الصوت ولعله يريد به رفع الحجيج صوتهم بالتلبية. والثج: سيلان دم الهدي