للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الأديب نسابة متعاقدة، وكلنا بيت العمرية من جرثومة واحدة.

وكنت اجتمع به في بعض الاحيان، فأراه لعيون البلاغة كالانسان فنقصر إذا على معاطاة القريض، والأخذ من بحره الطويل العريض. واجعل أبياته المشتى (١) ومقاطيعه المقيظ. وكنت أتلقى نظمه من لسانه، وآخذ الأدب عن بيانه.

حسيب إلى الفاروق يعزى وينتمي ... لقد طاب أصلا ثم فرعاً ومحتدا

أديب لبيب كامل متكمل ... ترى لفظه عقداً ودراً منضدا

فتخال النادي رياضا (٢)، والأشعار حياضا (٣). كأنها عقود جمان، أو حدائق جنان. وهو في الحقيقة الدر المنير، والسحاب المطير، والأديب الذي لم يقبل النظير.

فكان يحبني الحب الشديد ويوافقني في الأدب على كل ما أريد.

مولي ومولي نعمة وكرامة ... وأخا إخاء مخلصاً وخليلا

فمن شعره الرقيق، الذي هو أحلى من الرحيق قوله في قصيدة قد التزم فيها الجناس، وأتى به في أحسن لباس وهي:

غزال سرب إذا ما سره غزلي ... نبال مقلته الكحلا بها غزلي (٤)

كان الحاظ عينيه إذا غمزت ... سيف بكف أمير المؤمنين علي

يرق لي من سقامي وهو أمرضني ... ويدري ماذا شفائي لو تعطف لي

ألقى على كبدي كفيه قلت له ... مهلا فاصل سقامي الأعين النجل (٥)

فقل لمن لامني في حبه سفها ... اقصر فليس ملي البال مثل خلي


(١) في ب: المشنا.
(٢) في ب: رياض.
(٣) في ب: حياض.
(٤) في المخطوطتين: بها غزى لي.
(٥) في هذا البيت اقواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>