فكان للنظم بحره الطويل العريض. ظهرت في طلعته مخايل السعادة الموروثة القديمة، فنبتت في ساحته المكارم الأنيقة الكريمة. قد انقض على جنود الأدب، انقضاض النجوم الثواقب فملك أكرم المحامد واستملك أفخم المناقب. فكان له في الأدب الربع العامر، والسبب الوافي الغامر. قد تقنع بالفضل قناع الشمس بالغمام. وأسكر أرباب الأدب بشراب فصاحته، سكر العقول بالمدام. وأدار في البلاغة كئوس، تخجل الشموس، فكأنه العبير في منافحة الأنوار، والهلال في مصافحة الأقمار، له من النظم ما هو كالأسمار، لجميع الأمصار، يغنى عن اللجين والنضار. قد أتيت منه بالرائق الأنيق، الذي يغني عن الشراب والرحيق.
منه ما مدح به حضرة المرحوم والي بغداد أحمد باشا (١):
باينت زينب والأهلين والولدا ... وشوقهم ليس عني زائلا أبدا
أمست تودعني والدمع منسجم ... والقلب مضطرم والصبر قد بعدا
تقول يا صاح أين العزم فاحصة ... وأي أمر بذا أضحاك منشردا
أهانك الدهر أيضا وهو ديدنه ... بأبناء حيدر من حين الزمان بدا
(١) الوزير احمد باشا بن حسن باشا فاتح همدان تولى وزارة بغداد بعد وفاة ابيه سنة ١١٤٠ هـ وتوفي سنة ١١٦٠ هو دفن بجوار الامام الاعظم.