للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهضاب. الطالع من كل ثنية، والواصل بكل أمنية. ذو الفضل الوارف، والكمال والمعارف. عماد الإفتاء، التي باهت به الجوزاء.

سباق الغايات، الناصب للكمالات رايات. فكم قد أبرى للفضائل أعواد، وأورى للمكارم زناد. فهو الأديب المعظم، والأريب المقدم. المتميز بين اترابه، والمتفوق على أقرانه وأريابه.

وهو المنيع الذرى، البعيد عن أن يلاحظ أو يرى. قضى عمره في تعاطي أنواع التدريس، وأفتى على مذهب الإمام ابن إدريس.

فركب في ذلك صعاب المسائل فذللها، ورقى هام الثريا فانتعلها.

فحاز أنواع المحامد والمجد، والآداب الراقية التي لا تحد. فلم يحتمل قال وقيل، ولم يأت له الدهر بمثيل.

بآرائه البيض ارتقى درج العلى ... وحل ذرى العليا براياته الخضر

كانت صحبته مع الوالد والعم اكيدة، والمحبة بينهم في الغاية سديدة. فكنت أراه وهو في مجلس الوالد، قد جمع لأنواع المحاسن والمحامد. وأنا إذ ذاك صغير، أتطلع لاستنشاق ذاك الرند والعبير. وهو في صدر المجلس قد نصب للفضل لواء، وألقى على أقمار المجلس بهجة وضياء. وقد أثبت للأدب إجلالا، وشيد للمكارم معارف وأفضالا. ينطق ببيان، وينظم لجواهر الألفاظ معان. والوالد ينسر بسبقه، ولا ينكر لمقدم حقه، ويحبه الحب الشديد، الذي ما عليه من مزيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>