للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباس (١) سأل علي بن عيسى (٢) في ديوان الوزارة. ما دواء الخمار؟

وكان قد علق به، فاعرض عن كلامه، وقال: ما أنا وهذه المسالة.

فخجل حامد منه، والتفت إلى قاضي القضاة أبي عمر (٣)، فسأله عن ذلك. فتنحنح ثم قال: قال الله تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استعينوا على كل صنعة بصالح أهلها، والأعشى هو المشهور بهذه الصناعة في الجاهلية حيث قال:

وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها

ثم تلا قول أبي نؤاس في الإسلام:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء

فأسفر حينئذ وجه حامد، وقال لعلي بن عيسى: ما ضرك، يا بارد، أن تجيب ببعض ما أجاب به مولانا قاضي القضاة، وقد استظهر في جواب المسالة بقول الله تعالى أولا، ثم بقول النبي صلى الله عليه وسلم ثانيا، وأدى المعنى، وتقضى عن العهد. فكان خجل ابن عيسى أكثر من خجل حامد.


(١) حامد بن العباس ابو محمد تولى الوزارة للمقتدر العباسي سنة ست وثلاثمائة وتوفي سنة احدى عشرة وثلاثمائة.
(٢) علي بن عيسى بن داود ابو الحسن البغدادي نشأ كاتبا كأبيه تولى الوزارة للمقتدر سنة ثلاثمائة ثم عزله عنها ثم اعاده الى الوزارة سنة اربع عشرة وثلاثمائة ثم عزله وتوفي سنة اربع وثلاثين وثلاثمائة.
(٣) في الاصول ابو عمرو وهو خطأ وصوابه ابو عمر وهو قاضى القضاة محمد بن يوسف بن يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم ابو عمر الازدي مولى جرير بن حازم. ولد بالبصرة سنة ثلاث واربعين ومائتين. وتولى قضاء مدينة المنصور سنة اربع وثمانين ومائتين ثم صرف عن القضاء سنة ست وتسعين ومائتين ثم عاد الى القضاء حين تولى علي بن عيسى الوزارة. ومات ابو عمر القاضي سنة عشرين وثلاثمائة تاريخ بغداد ٣/ ٤٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>