للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعراء من كل جانب، ونالت من سيبه أنواع العطايا والمواهب.

فبابه إلى الآن كعبة الأدباء، وملاذ الشعراء، ومطاف الفضلاء.

أنسى ذكر سيف الدولة (١) بإقباله على أهل الأدب، فشاع ذكره في أقصى بلاد العجم فضلا عن العرب.

فإليه تنتسب المكارم والعلى ... فطريفها وتليدها متقابل

وجنابه الحرم الشريف وجوده ... ركن به يسعى إليه الآمل

مولاي، ولي نعماي. الذي يعجز القلم ان ينطق ببعض أوصافه، ويكل عن أن يعد نوعا من محاسنه والطافه. فأنا خادمه الأدنى، الشاكر لأياديه الحسنى. لم تزل أياديه تزيد رقي عقدا، ولم تبرح سيول نواله تؤثر لربق إطاعتي شدا. فأنا (٢) حسان بابه، ووصاف جنابه. على أنني لو شددت نطاق النطق على اللسان، وجمعت بين اليراع والبيان. وبثثت عجائب متخيلة الفكر، وحثثت ركائب النظم والنثر، لما بلغت معشار ما حوته ذاته الكريمة الزاهية، وصفاته الباهرة الباهية. فلم يكن لدينا إلا الدعاء، والابتهال في الصبح والمساء.

له على بلدنا أياد، طوقت جيد العباد. منها ما اتفق له سنة ألف ومائة وخمس وأربعين، لما نزل شاه العجم نادر شاه بغداد بعسكره الغزير، وجمه الغفير. وحاصرها اشد الحصار، وقطع عن أهلها اللذة والقرار. وأرسل إلى بلدنا سرية، أبهرت عقول البرية. ففلها بعزمه، ومزقها بجيوش رأيه وحزمه. فامتدحته الشعراء


(١) يريد سيف الدولة الحمداني ممدوح المتنبي.
(٢) يريد انه منه بمنزلة حسان بن ثابت الانصاري من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>