للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يصنع الحليّ حلي كلامها ... ونقد ابن هاني ما أهان عيارها (١)

ولما رجعت من بلاد الروم من خدمة أبيه، ذلك الضرغام النبيه وذلك ليلة عيد من رمضان، بعد امتداد الغربة أربع سنين. وقد اثر بي حب الوطن، وألم بي الحنين إلى ذلك السكن. وحللت بناديه، وغمرتني أكفه وأياديه، أمرني أن أشنف الاسماع، بمديحه الذي لا يستطاع، فامتثالا لذلك الأمر المطاع، زففت إلى حضرته هذه القصيدة، فتقبلها كما هو دأبه من حلمه وكرمه.

وأمر برسمها في ديوان المديح، وهي:

غزال سرى من جانب الحي أم خشف ... أم التفتت ريم وقد زانها شنف

ظباء نأوا بالطبع عني سجية ... فأقعدهم خصر وأثناهم ردف

وخود تريك الشمس لوناً وصورة ... كأنهما عقد وهذا له نصف

«عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى» ... وما زادني من كشفها أبداً كشف

فلله كم من ليلة ضمنا هناً ... وقد لذ لي بعد المكابدة الرشف

تجردنا عن أثيابنا لمهمة ... فكان كسانا ذلك الشعر الوحف (٢)

على غدر رقت وراقت لناظر ... ونبت سناما ليس يدركه الوصف

بروض أنيق يانع وشقائق ... ووسم حيا يحيى ورسم ندى يعفو

وحولي بدور والنجوم تحفني ... وعيش لمثلي في اللذاذة لم يصف (٣)


(١) يريد صفي الدين الحلي. وابن هاني الأندلسي.
(٢) في الاصول: الوجف، وصوابه الوحف وهو الشعر الكثيف الاسود.
(٣) في الاصل: لم يصفو.

<<  <  ج: ص:  >  >>