للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا البيت كقول النابغة الذبياني من قصيدة:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

وهذا النوع يقال له تأكيد المدح بما يشبه الذم. فإنه قال: ولا عيب في هؤلاء القوم أصلا الا هذا العيب وهو فلول أسيافهم من المقارعة والمضاربة، وهذا ليس بعيب بل نهاية المدح. فهو تأكيد المدح بما يشبه الذم، لأن قوله غير أن سيوفهم يوهم أن ما يأتي بعده ذم فاذا كان مدحا فقد تأكد المدح.

يروى أن عروة بن الزبير سأل عبد الملك بن مروان أن يرد عليه سيف أخيه عبد الله بن الزبير فأخرجه إليه في سيوف منتضاة، فأخذه عروة من بينها. فقال له عبد الملك بم عرفته؟ فقال:

بقول النابغة وأنشده البيت.

وهذا النوع مستعمل جدا ومن جيده قول أبي هفان (١).

ولا عيب فينا غير أن سماحنا ... أضر بنا والبأس من كل جانب

فأفنى الورى أرواحنا غير ظالم ... وأفنى الندى أموالنا غير غائب

ولبعضهم ويسند إلى الفاضل الرومي ملا زاده:

ولا عيب فيكم غير أن ضيوفكم ... تلام بنسيان الأحبة والوطن

ومثله قول ابن نباتة (٢):

ولا عيب فيه غير أني قصدته ... فانستني الأيام أهلا وموطنا


(١) في الاصول: ابن هفان وصوابه ابي هفان. وهو عبد الله بن أحمد بن حرب الهزمي العبدي البصري.
ابو هفان: راوية، عالم؛ بالشعر والأدب وكان شاعرا من أهل البصرة وسكن بغداد، واخذ عن الأصمعي وغيره. وكان متهتكا فقيرا، يلبس ما لا يكاد يستر جسمه. له «أخبار الشعراء» و «صناعة الشعر» و «اخبار ابي نواس» مطبوع توفي سنة سبع وخمسين ومائتين. ترجمته في ارشاد الاريب ١٢: ٥٤ وتاريخ بغداد ٩: ٣٧٠ واللباب ٣: ١٩٤ وسمط اللآلي ٣٣٥ وبغية الوعاة ٢٧٧ ونزهة الالبا ٢٦٧.
ولسان الميزان ٣: ٢٤٩ والأعلام ٤: ١٨٨ وتأسيس الشيعة ٩٨.
(٢) مرت ترجمته في حاشية ص ٣٣٦ ج ١

<<  <  ج: ص:  >  >>