ونظير هاتين القصيدتين ما كتب به الأديب ابن حجة إلى القاضي ناصر الدين محمد بن البارزي (١) من القاهرة إلى حماة، يتشوقه ويذكر وطنه:
يا طيب الأخبار يا ريح الصبا ... يا من إليه فؤاد صب قد صبا
يا صادق الأنفاس يا أهل الذكا ... يا طاهر الأذيال كم لك من نبا
يا من نراه عبارة عن حاجر ... يا روح نجد مرحبا بك مرحبا
يا نسمة الخبر الذي من طيبه ... تتنسم الأخبار عن تلك الربا
بالله أن رنحت ذاتك بالحمى ... ووردت شعبا من دموعك معشبا
وهززت فيه كل عود اراكة ... أضحى بهاتيك الثغور مطيبا
ودخلت كل خباء زهر قد غدا ... بدموع أجفان الغمام مطنبا
وطرقت حي العامرية ظامئا ... فنعمت بالوادي بريا زينبا
عج بالعذيب فإن محجر عينه ... أمسى لما حملته مترقبا
واصحب عبير المسك منه فإنه ... لشوارد الغزلان أضحى مشربا
فإذا تنسمت الشذا وتعطرت ... منك الذيول وطبت يا ريح الصبا
عرج على وادي حماة بسحرة ... متيمما منه صعيدا طيبا
واحمل لنا في طي بردك نشره ... فبغير ذاك الطيب لن نتطيبا
واسرع إلي وداو في مصر به ... قلبا على نار البعاد مقلبا
لله ذاك السفح والوادي الذي ... ما زال روض الأنس فيه مخصبا
وانعم بمصر نسبة لكن أرى ... وادي حماة ولطفه لي أنسبا
ارض رضعت بها ثدي شبيبتي ... ومزجت لذاتي بكاسات الصبا
يا ساكني مغنى حماة وحقكم ... من بعدكم ما ذقت عيشا طيبا
(١) في خزانة الحموي ص ٣٢ وهذه القصيدة كتبت بها من القاهرة المحروسة سنة اثنتين وثمانمائة الى القاضي تاج الدين ابن البارزي صاحب دواوين الانشاء الشريف تشوفا اليه والى حماة المحروسة.