ومن النظائر، التي تشق لطافتها المرائر، قصيدة الشيخ شمس الدين ابن الصائغ (١)، يتشوق إلى دمشق وأطرافها وأدبائها، وهي:
أدمشق لا بعدت ديارك عن فتى ... أبدا إليك بكله يتشوق
أشتاق منك منازلا لم أنسها ... أني وقلبي في ربوعك موثق
أني اتجهت رأيت دوحا ماؤه ... متسلسل يعلو عليه جوسق
والريح تكتب والجداول أسطر ... خط له نسخ الغرام محقق
والطير يقرأ والنسيم مردد ... والغصن يرقص والغدير يصفق
ومعاطف الأغصان هزتها الصبا ... طربا فذا عار وهذا مورق
وكأن أزهار الرياض سرادق ... في ظلها من كل لون نمرق
وكأنما في كل عود صادح ... عود خلا مزمومه والمطلق
والورق في الأوراق يشبه شجوها ... شجوى وأين من الخلي الموثق
تتلو على الأغصان أخبار الهوى ... فيكاد ساكت كل شيء ينطق
يا سائرا والريح تعثر دونه ... والربع يبسم إذ به يتألق
أن جئت من وادي دمشق منزلا ... لي نحوه حتى الممات تشوق
بالجبهة الغراء والنهر الذي ... يزهو به القصر المنيف الابلق
ورأيت ذاك الجامع الفرد الذي ... في الأرض مثل جماله لا يخلق
قل للفتى عبد الرحيم بأنني ... أبدا لحسن وداده أتخلق
إن كنتم عرضتم بتشوق ... وحياتكم أني إليكم أشوق
(١) هو محمد بن حسن بن سباع بن ابي بكر الجذامي، ابو عبد الله، شمس الدين المعروف بابن الصائغ أديب. عالم باللغة، مصري الاصل. ولد بدمشق سنة خمس واربعين وستمائة وتوفي فيها سنة عشرين وسبعمائة وكان له حانوت بالصاغة. له «المقامة الشهابية» و «شرح ملحة الاعراب» وقصيدة في الفي بيت في «الصنائع والفنون» و «شرح قصيدة ابن دريد» مجلدان و «مختصر صحاح الجوهري» يظن انه «الراموز في اللغة» ثلاث مجلدات و «ديوان شعر» مجلدان. ترجمته في النجوم الزاهرة ٩: ٢٤٨ والدرر الكامنة ٣: ٤١٩ وفوات الوفيات ٢: ١٨٨ وبغية الوعاة ٣٤ وابن الوردي ٢: ٢٧٠ والبداية والنهاية ١٤: ٨٩ والاعلام ٦: ٣١٨ وفيه ذكر اختلاف في سنة وفاته.