للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا لاح لي من نحو بغداد بارق ... تجافت جفوني واستطير هجوعها

وإن اخلفتها الغاديات وعودها ... تكلف تصديق الغمام دموعها

سقى جانبي بغداد كل غمامة ... يحاكي دموع المستهام هموعها

معاهد من غزلان أنس تحالفت ... لواحظها أن لا يداوي صريعها

يحن إليها كل قلب كأنما ... يشاد بحبات القلوب ربوعها

فكل ليالي عيشها زمن الصبا ... وكل فصول الدهر فيها ربيعها

وما زلت طوع الحادثات تقودني ... على حكمها مستكرها فأطيعها

فلما حللت القصر قصر بنوتي ... تفرق عنى آيسات جموعها (١)

بدار بها يسلى المشوق اشتياقه ... ويأمن ريب الحادثات مروعها

بها مسرح للعين فيما يروقها ... ومستروح للنفس مما يروعها

كأن خرير الماء في جنباتها ... رعود تلقت مزنة تستريعها

إذا ضربتها الريح وانبسطت لها ... ملاءة بدر فصلتها وشيعها

رأيت سيوفا بين أثناء ادرع ... مذهبة يغشى العيون لميعها

فمن صنعة البدر المنير نصولها ... ومن نسج أنفاس الرياح دروعها

صفا عيشنا فيها وكادت لطيبها ... تمازجها الأرواح لو تستطيعها

ولابن حجة أيضا يتشوق إلى حماة ويعرض بمدح ابن البارزى (٢) ويتأسف على المنازل والربوع. وهي:

خل التعلل في حمى يبرين ... فهوى حماة هو الذي يبريني

وأطع ولا تذكر مع العاصي حمى ... فيما وراء النهر ما يرضيني

وبالانجبار اذا بدا لي شطه ... يحلو الشراب ونهله يشفيني


(١) في اليتيمة: قصر مسرتي.
(٢) مرت ترجمته في ص ٢١٢ ج ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>