للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما لا شك فيه أن ذكر محاسن الأموات ومآثرهم يمنح حياتهم الخلقية الدوام والسرمدية وعائشة (ض) كانت خير مثال لذكر محاسن ضرائرها وقريناتها، تقول (ض): قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأزواجه: أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا، قالت: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد بطول اليد الصدقة، وكانت زينب امرأة صناعة اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله. (١).

وقد سبق أن ذكرنا ما حدث ذات مرة بين عائشة وزينب (ض) ووصل الأمر إلى غاية الضيق والكره والاستياء، وها هي عائشة (ض) تحكي لنا تلك القصة المرة بأسلوب حلو غني بالحب والإخلاص، لا يشوبه شيء من الحقد أو الكره أو الاشمئزاز، فهي تسرد القصة وتمدحها، تقول (ض): ((فأرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من


= ٢٤/ ٧١ برقم ١٨٨، قلت: ذكر المؤلف أن زينب بنت جحش لما وجد عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - (لمخاطبتها صفية باليهودية) طلبت من عائشة التدخل في الموضوع وإرضاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففعلت عائشة ذلك، وعزاه إلى مسند الإمام أحمد ٦/ ٩٥، لكن تبين بمراجعة مسند الإمام أحمد وغيره من كتب المسانيد والسنن أن التي طلبت من عائشة التدخل في الموضوع هي صفية لما وجد عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمر ما، وليست زينب.
وها هو نص رواية أحمد: عن عائشة (ض) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد على صفية بنت حيي فى شيء، فقالت: يا عائشة أرضي عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولك يومي، فقالت:
نعم، فأخذت خمارا لها مصبوغا بزعفران فرشته بالماء ليفوح ريحه، فقعدت إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليك يا عائشة، إنه ليس يومك، قالت:
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واخبرته بالأمر، فرضي عنها (منسد الإمام أحمد ٦/
٩٥ برقم ٢٤٦٨٤، السنن الكبرى للنسائي ٥/ ٣٠٠ برقم ٨٩٢٣).
(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة مختصرا برقم ٢٤٥٢، وابن حبان في صحيحه ١٠٨/ ٨ برقم ٣٣١٤، والحاكم في المستدرك ٢٦/ ٤ برقم ٦٧٧٦، والطبراني في الأوسط ٢٣٣/ ١ برقم ٦٢٧٦.

<<  <   >  >>