للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وقد اختلط المسلمون مع العجم في عهد عمر الفاروق (ض)، لكن قوته التنفيذية وسلطته القوية حالت دون تسرب سموم العجمية وجراثيمها إلى مجتمعات المسلمين، إلا أن عهد عثمان (ض) لم يقدر على مقاومتها، وظل هذا الاختلاط يتركز على مر الأيام إلى أن أخذت تلك السموم الطريق إلى المجتمعات الإسلامية، وبدأت تسمم البيئة العربية، فسادت أنواع من الملاهي وصنوف من الأشياء المسلية مجتمع المسلمين، وعم فيهم اللعب بالشطرنج والنردشير وشتى أنواع الترفيه مما تسبب في تضييع الأوقات، فلما رأى ذلك صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرعوا إلى الزجر عنها، وبدأوا يردعون الناس عن هذه الأعمال، وقد بلغ عائشة (ض) أن أهل بيت في دارها كانوا سكانا فيه عندهم نرد فأرسلت إليهم ((لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من داري)) وأنكرت ذلك عليهم (١).

وكان ابن أبي السائب من أشهر الوعاظ والقصاص في المدينة، وكما هي عادة القصاص فإنهم يدعون بأدعية مسجعة ذات نغمات خاصة حتى يستجلبوا الناس ويسترعوا انتباههم، وكذلك كان يفعل ابن أبي السائب، فلما سمعت عائشة (ض) عن ابن أبي السائب قالت له: ((ثلاثا لتبايعني عليهن أو لأناجزنك؟ فقال: ما هن؟ بل أنا أبايعك يا أم المؤمنين، قالت: اجتنب السجع في الدعاء، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك، وقص على الناس في كل جمعة مرة، فإن أبيت فثنتين فإن أبيت فثلاثا، فلا تمل الناس. ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقطع عليهم حديثهم، ولكن اتركهم فإذا جرؤوك عليه وأمروك به فحدثهم) ((٢).

وقد أمر الإسلام المطلقة أن تعتد في بيت زوجها، ولم يستثن من هذا


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ١/ ٤٣٥ برقم ١٢٧٤.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٦/ ٢١٧ برقم ٢٥٨٦٢، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ١٩١، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٦/ ٢١ برقم ٢٩١٦٤ جزءا منه، ونحوه إسحاق بن راهويه في مسنده ٣/ ٩٣٣ برقم ١٦٣٤.

<<  <   >  >>