" أَنساهُ " تَعودُ على الرجلِ الناجي، وليس على يوسف.
و" ذِكْرَ " بمعنى تذكير، والهاءُ المضافُ إِليه في " رَبِّه " تعودُ على الرجلِ نفسِه.
و" رَبّه " هو الملك، الذي كانَ يؤمنُ أَنه ربُّه.
ولما نسيَ الرجلُ تذكير الملكِ لَبِثَ يوسُفُ في السجنِ بِضْعَ سنين، لم
يذكُرْه ولم يفطنْ له أَحَد.
وقد اعترضَ الفادي على الآية، لأَنه ظَنَّ أَنها تَنهى عن استعانة الإِنسانِ
بالإِنسان.
وذَهَبَ إِلى تفسيرِ البيضاوي، ونَقَلَ منه كلاماً مَرْجوحاً، وحَديثاً غيرَ
صحيح..
قال الفادي: " قال البيضاوي: قال محمد: رحمَ اللهُ أَخي يوسُف.
لو لم يَقُلْ: اذْكُرْني عنْدَ ربِّك، لما لبثَ في السجن سَبْعاً بعد الخمس ".
يَعْني بكلمةِ " محمد ": محمداً رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -.
فهل يُمكنُ للإمامِ البيضاويِّ أَنْ يذكُرَ كلمة " محمد " غيرَ مقرونةٍ بالصلاةِ والسلام، - صلى الله عليه وسلم -؟
لِننظُر!..
قالَ البيضاوي: " أَو أُنْسِيَ يوسفُ ذِكْرَ الله، حتَّى استعانَ بغيرِه..
ويؤَيِّدُهُ قولُه عليه الصلاة والسلام: رحم الله أخي يوسف ... ".
البيضاويُّ يَقول: " قالَ محمدٌ عليه الصلاة والسلام "، ولما نَقَلَ المفتري
الفادي هذه الجملة حَرَّفَها إِلى قوله: " قال محمدٌ ".
لأَنه لا يؤمنُ أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولُ الله، ولا يستحقُّ منه الصلاةَ والسلامَ عليه، لذلك يذكُرُ اسْمَه مُجَرداً، بوقاحةٍ وسوءِ أَدبِ معه..
أَما نحنُ فإِننا مأمورونَ بالأَدَبِ مع رسولِنا، فلا نذكُرُ اسْمَه إِلا مَقْروَناً بالصلاةِ والسلامِ عليه، فنقول: قالَ محمدٌ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
والحديثُ الذي ذَكَرَهُ البيضاوي لم يصحّ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه اتهامٌ وإدانةٌ ليوسفَ عليه الصلاة والسلام، بأَنه نسيَ ذِكْرَ اللهِ واستعانَ بغيرِه، ولذلك عاقَبَهُ اللهُ بأَنْ أَطالَ سجْنَه، من خمسِ سنين إلى سبعِ سنين.