كتابَه المقَدَّسَ يَقَعُ في خطأٍ منهجى كَبيرٍ، سبق أَنْ ذكَرْناهُ أَكْثَرَ من مَرَّة، إِنه
يجعلُ كتابَه المقَدَّسَ أَصلاً، ويجعلُ القرآنَ تابعاً له، فإِنْ لم يوافِقْه ويُتابِعْه فهو
المخطئ! وهذا باطلٌ ومردود، فمن المعلومِ من الدينِ بالضرورة عندَنا أَنَّ
القرآنَ هو الأصل، وأَنَّ الكتابَ المقَدَّسَ هو الذي يُحْمَلُ عليه ويُحاكمُ إِليه،
وما خالَفَ فيه القرآنَ، فهو الذي أَخْطَأَ وليس القرآن!.
وخلاصَةُ ما قالَه القرآنُ عن ما جَرى بينَ يوسفَ وأَخيه هي:
بعدَ أَنْ سَلَّمَ الملكُ يوسفَ مقاليدَ البلاد، وجَعَلَه على خزائنِ الأَرض،
جاءَ الناس من البلادِ المجاورةِ إِلى مصر، ليأخُذوا منها القمح، ومنهم إِخوةُ
يوسف، الذينَ جاؤوا من البَدْوِ إِلى مصر.
١ - جاءَ إِخوةُ يوسفَ العَشرةُ طالبينَ القمح، ولما دَخَلوا عليه عَرَفَهم،
لكنَّهم لم يَعْرِفوه..
ولما جَهَّزهم بجَهازهم، وأَعطاهم القمح الذي يُريدون، أَعادَ
لهم بضاعَتَهم التي أَتَوْا بها إِكراماً لهم، وتَرْغيباً لهم بالعودة..
وقبلَ أَنْ يُغادروه طلبَ منهم أَنْ يُحْضِروا معهم أَخاهم من أَبيهم، فإِنْ لم يَأتوا به فلنْ يُعطيهم كَيلاً ولا قمحاً ولا شيئاً كما ورد في الآيات (٥٨ - ٦٢) من سورة يوسف - صلى الله عليه وسلم -.
ولما رَجَعوا إلى أَبيهم أَخْبَروه بما حَصَلَ معهم، وطَلَبوا منه أَنْ يُرْسِلَ
معهم أَخاهم، وذَكَّرَهم الأَبُ بما فَعَلوا مع أَخيهم يوسف، وانْتَهى الأمْرُ إِلى
أَن اشترط عليهم أَنْ يَحْلِفوا له الأَيْمانَ المغَلَّظَةَ أَنْ يُحافظوا على أَخيهم
الصغير، وأَنْ يُعيدوهُ إليه سالماً، إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ شيءٌ لم يكنْ في الحسبان كما
ورد في الآيات (٦٣ - ٦٨) من سورة يوسف - عليه السلام -.
٢ - دخل الإِخوةُ العشرةُ على يوسف، ومعهم أَخوهم الصَّغير، الذي
يُسَمّيه سِفْرُ التكوين " بنيامين "، ونتركُ نحنُ اسْمَه ضمنَ مبهماتِ القرآن، لعدمِ وجودِ دليلٍ على بيانِه.
وهذا هو اللقاءُ الثاني بين يوسفَ وإِخوتِه.
ولما عَرَّفَ يوسُفُ أَخاه الصَّغيرَ على نفسِه، وطلبَ منه أَنْ لا يُخبرهم
بذلك، قامَ يوسُفُ بتصرفٍ ليحتفظَ بأَخيه، حيثُ جَعَلَ السقايةَ في رَحْلِ أَخيه الصغِير، وانتهى الأَمْرُ بأَخْذِه بتهمةِ السرقة، ولم تنفع محاولاتُ الإِخوةِ إِطلاقَ