وإِنما نفى صَلْبَ عيسى - عليه السلام -، فاليهودُ والرومانُ أَرادوا صلْبَ عيسى - عليه السلام -، ولكنَّ اللهَ حَماهُ وعَصَمه منهم، ورفَعَهُ إِلى السماءِ حَيّاً بِجسْمِه وروحِه..
أَمّا هم فقد صَلَبوا رَجُلاً آخَر، وكُل ظَنَهم أَنه عيسى! فقالَ اليهود مُتَبَجّحين: إِنّا قَتَلْنا المسيحَ عيسى ابنَ مريمَ رسولَ الله.
معنى قوله تعالى: (وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) : شُبهَ لهم أَمْرُ الصلْبِ والقَتْل،
والْتَبَسَ عليهم، وَوَقَعوا في لَبْسٍ وشَبَهٍ بشأنِه! وهذا معناهُ أَنهم قَتَلوا وصَلَبوا
شَخْصاً مَشْبوهاً، وكلُّ ظَنَهم أَنه عيسى، مع أَنَ المقتولَ المصلوبَ لم يكنْ
عيسى، إنما كانَ شَخْصاً آخَر.
ومعنى قوله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ) : لم يقتل
اليهودُ عيسى - عليه السلام - يَقيناً، ولم يكن الشخصُ المقتولُ المصلوبُ عيسى حقيقة، إِنما كانَ شَخْصاًاَخَرَ غَيْرَه، بينما كان عيسى - عليه السلام - في السماء!!.
وهذا معناهُ أَنَّ هُناكَ شخصاً مقتولاً مصلوباً، يَجزمُ اليهودُ والنصارى
والرومانُ وغيرُهم أَنه المسيحُ عيسى ابنُ مريم رسولُ الله، ويَنفي القرآن الذي أَنزلَه اللهُ بعد ستمئة سنةٍ من الحادثةِ أَنْ يكونَ عيسى، ويُشيرُ إِلى أَنَّه شخصٌ آخرُ غير عيسى!! فمن هو هذا الشخصُ الآخَرُ المقتولُ المصلوب؟!.
لم يتحدَّثْ عنه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ صحيحٍ مرفوع، وذَكَرَ قَصَّتَه الصحابى الجليلُ عبدُ الله بن عباس - رضي الله عنهما -.
وهو أَصَحُّ ما جاءَ في مصادِرِنا الإِسلامية، بشأنِ الأحداث الخطيرة في تلك الليلة، ورواية ابن عباس تتفق مع حديث القرآن عن عدم قَتْلِ عيسى وصَلْبِه، وتُشيرُ إِلى شخصيةِ القَتيل.
ونسجل فيما يلي رواية ابن عباس، وتمهيد ابن كثير لها، وحديثه عن
أحداث تلك الليلة المثيرة:
قالَ ابنُ كثيرٍ في تفسيره: " وكانَ من خبرِ اليهودِ - عليهم لَعائنُ اللهِ وسَخَطُه وغَضَبُه وعِقابُه - أَنه لما بَعَثَ اللهُ عيسى ابنَ مريم بالبيناتِ والهدى، حَسَدوه على ما آتاهُ اللهُ من النبوة، والمعجزاتِ الباهراتِ التي كان يُبرئُ بها الأَكْمَهَ والأَبرصَ