واعْتَبَرَ قَسَمَ اللهِ بمخلوقاته في القرآن من أَخطاءِ القرآنِ الأَخلاقية، لأَنَّ
الصادق يَذكرُ كلامَه بدونِ قَسَم، فهو لا يَحتاجُ إِلى توكيدِ كلامِه بالقَسَم، ولا إِلى أَنْ يُصَدِّقَه السامعُ بالقَسم!.
وليدللَ الفادي على صِدْقِ كلامِه وانتقادِه للقرآن، أَوردَ من إِنجيل مَتّى
كَلاماً مَنْسوباً للمسيحِ يَنهى فيه أَتْباعَه عن القَسَمِ بأَيِّ شيء، لا بالسمواتِ ولا بالأَرضِ ولا بالقدسِ ولا بالرأْس!.
وعندما نَنظرُ في الكلامِ المنسوبِ لعيسى - عليه السلام - فِإنّنا نَرى أَنّه - إِنْ صَحَّتْ نسبتُه لعيسى - عليه السلام - يتوافَقُ مع نهي المسلمين عن القسم بغير الله، فعيسى - عليه السلام - يَنهى عن القَسَمِ بالمخْلوقات: السمواتِ والأَرضِ والقُدْسِ والرأس.
والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - نَهانا عن القَسَمِ بغيرِ الله، واعتبرَهُ صورةً من صورِ الشركِ بالله، فَصحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أَنه قال: " مَنْ حَلَفَ بغيرِ اللهِ فقد أَشْرَكَ ".
على أَننا نرفضُ اعتبارَ السماءِ كُرْسِيّاً لله! لأَنَّ كُرْسِيَّه سبحانه وسعَ
السمواتِ والأَرْض.
قال تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا) .
ونرفضُ اعبتارَ الأَرضِ موطئَ قَدَمْي الله، فلا نَجعلُ قَدَمَيْنِ لله، يَطَأُ بهما
على الأَرض! لأَنَّ هذا تَجسيم لله، ووصْف له بصفاتِ المخلوقين! واللهُ يقولُ في القرآن: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) .
واعتراضُ الفادي على قَسَمِ اللهِ بمخلوقاتِه في القرآن مَرْدود، ومن غبائِه
وجهلِه أَنه جَعَلَ القَسَمَ دليلاً على حرصِ الحالفِ المقْسِمِ على تَأْكيدِ كَلامِه،
وتصديقِ السامعِ له، فيلجَأُ للقَسَمِ لتحقيقِ ذلك!.
هذا ينطبقُ على قَسَمِ المخلوقين، ولذلك لا يَجوزُ لَهم أَنْ يُقْسِموا
بغيرِ الله! لكنه لا يَنطبقُ على قَسَمِ اللهِ بمخلوقاتِه، فهو عندما يُقسمُ بها لا يُريدُ منّا أَنْ نُصَدّقَه، فهو الصادقُ في كلامِه سبحانه، وهو الذي يقول: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (٨٧) .