يَزعمُ المفترِي الجاهلُ أَنَّ إِسنادَ ضميرِ الجمعِ إِلى الله الأَحَدِ في القرآنِ
دليلٌ على " الثالوثِ المقَدَّسِ "، وعلى تَعَدُّدِ الأَقانيم في الذاتِ العليةِ الواحدةِ
وِحدَةَ جَوْهَر! وما دَرى الجاهلُ أن هذه النونَ في (نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) لا تُسَمّى
نونَ الجمع، وإِنما تُسمى " نونَ العَظَمَة "، فاللهُ المتكلمُ واحدٌ أَحَدٌ، فَرْدٌ صَمَد، وعندما يتكلمُ بضميرِ " نحنُ " - المنفصلِ أَو المتصلِ أَو المستتر - فإِنما يُريدُ أَنْ يُعَظِّمَ نَفْسَه..
وليسَ في الأَمْرِ تَعَدُّدُ أَقانيم أَو شخصياتٍ أَو جواهر أَو إِرادات..
إِنما هو إِلهٌ واحدٌ سبحانه!!.
ويَزعمُ المفترِي أَنَّهُ لم يَرِدْ في القرآنِ كلامُ مخلوقٍ كائناً مَنْ كانَ تكلَّمَ
عن نفسِه بصيغةِ الجمع، وهذا زعمٌ باطلٌ منقوض، ويَكفي في تكذيبِه تذكرُ
قولِ اللهِ وَجضَّ: (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (١٢٧) .
لما حَرَّضَ الملأُ من قومِ فرعونَ فرعونَ على محاربةِ موسى، والقضاءِ عليه
هو وأَتْباعه، رَدَّ فرعونُ عليهم بضميرِ الجمع، مع أَنه شخصٌ واحد، وأَوردَ في كلامِه أَربعَ كلماتٍ بصيغةِ الجمع: " سَنُقَتِّلُ "، و " نَسْتَحْيي "، و " إِنّا "، و " قاهرون ".
فكيفَ يَدَّعي الفادي المفترِي أَنه لم يتكلمْ فَرْدٌ مخلوق بصيغةِ الجمعِ في
القرآن؟!.
وحتى يُقْنِعَنا بأَنَّ التثليثَ توحيدٌ لله، وأَنَّ القرآنَ قالَ بالتثليث، قَدَّمَ كلامَ
القرآنِ عن أسماءِ اللهِ الحسنى دليلاً على التثليث، وخَصَّ اسْمَ " الوَدود "
بالذّكْر..
قال: " ومن أَسماءِ الله الحسنى أَنه الوَدود، لقوله - عز وجل -: (وَهُوَ اَلغَفُورُ اَلْوَدُودُ) فالوُدُّ صفةٌ من صفاتِه، ومن معرفتِنا أَنَّ هذه الصفةَ أَزلية،
نستدلُّ أَنَّ هناكَ تَعَدُّد أَقانيم في الوحدةِ الإِلهية، لتَبادُلِ الوُدِّ بينَها قبلَ أَن يُخْلَقَ شيء..
وإلَّا ففي الأَزَلِ اللَّانهائي كانت صفةُ الوُدِّ عاطلةً عن العمل، وابتدأَتْ
تَعمل، فبدأَ اللهُ " يَوَدُّ "، بعدَ أَنْ خَلَقَ الملائكةَ والناس!.
وحاشَ لِلّه أَنْ يكونَ