وإِذا تحرجَ من الإِنذارِ والتبليغِ، يكونُ التحرجُ خشيةَ أَنْ يُكَذّبَه
الكافرون، أَو خشيةَ تقصيرِه من القيامِ بِالحَقِّ وأَداءِ الواجب.
ولا تَدُلُّ الآية ُ على أَنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - تحرجَ من الإِنذار، إِنما تدلُّ على أَنه إِذا أَصابَه التحرجُ من الإِنذارِ فعليه أَنْ يُزيلَه.
علماً أَنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - لم يتحرجْ من الإِنذارِ أَبداً!!.
الثانية قولُه تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٩٤) .
إِنْ شَك الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - بالوحيِ الذي أَنزلَه اللهُ إِليه فعليه أَنْ يُزيلَ هذا الشَّكَّ، بسؤالِ أَهْلِ الكتابِ من قَبْلِه، أَمّا إِنْ لم يَشُكّ بالوحيِ فلا داعي لسؤالِ أَهْلِ الكتاب..
فهلْ شَكَّ بالوحْيِ واضطرَّ إِلى السؤالَ؟
الجوابُ بالنَّفْي، فلم يَشُكَّ بالوَحي، ولم يضطرَّ إِلى السؤال.
ولما أَرادَ الفادي المفترِي أَنْ يُوَظِّفَ الآيةَ لافترائِه، ويجعلَها إِدانةً
للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأَنَّه شاكٌّ بالوحيِ والنبوة، ذَهَبَ إِلى تفسيرِ البيضاويِّ كعادتِه، فلما لم يَجدْ عنْدَه ما يُريدُ؟
تَرَكَه، وتَوَجَّهَ إِلى تفسيرِ الرازي! فلماذا الرازي في هذه المرة؟
لأَنَّ المفترِي يظنُّ أَنَّ عنده ما يوافقُ هواه!.
قالَ الفادي: " قالَ الإِمامُ الرازي في تفسيرِ سورة يونس: من الوجوهِ في
تفسيرِ النصّ: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ) الخطابُ لمحمد.
وأَنَّ محمداً من البشر، وكان حصولُ الخواطرِ المشوِّشةِ والأَفكارِ المضطربة في قلبِهِ من الجائزاتِ، وتلكَ الخواطرُ لا تندفع إلّا بإيرادِ الدلائلِ وتقريرِ البينات، حتى إِنَّ بسببِها تَزُولُ عن خاطرِه تلك الوساوس ".
ولما رَجَعْنا إِلى تفسيرِ الرازي وَجَدْنا الأَمْرَ على غيرِ ما ذَكَرَه الفادي المفترِي.
فقد ذَكَرَ الرازي قولَيْن في تحديد المخاطبِ بالآية:
الأول: الخطابُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الظاهرِ، والمرادُ غيرُه.