للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على آخَرَ ليَقْتُلَه اليهودُ بَدَلَ المسيح شيءٌ من العَدْلِ على الرجلِ المقْتول؟

أَلَا يَظُنُّ اليهودُ أَنَّ اللهَ يُعِزُّ المسيحَ ويُكْرِمُه؟

إِنَّ الذينَ يُنكرونَ الصلْبَ يَرسمونَ

لنا اللهَ إِلهاً يَرضى بالغِشِّ والكذِب ".

لقد أَثارَ الفادي المفترِي في كلامِه مجموعةً من الإِشكالاتِ

والمغالطات، ويُمكنُ الرَّدُّ عليها في النقاط التالية:

١ - زَعَمَ أَنَّ القرآنَ مُتَناقِضٌ في حديثِه عن نهايةِ المسيح - عليه السلام -، فقالَ: إِنَّ اليهودَ لم يَقْتُلوه ولم يَصلبوه، وإِنما شُبِّهَ لهم، وقالَ: إِنّ عيسى تُوُفِّيَ وماتَ ثم بُعِثَ حَيّاً، وصَعَدَ إِلى السّماء.

وهذا زَعْمٌ باطلٌ مردود، فلم يَتَناقض القرآنُ في حديثِه، ولا تَناقُضَ بين

الآياتِ القرآنيةِ التي تتحدَّثُ عن الموضوعِ الواحد، وإِذا كان هناكَ تَناقُضٌ أَو

تَعارض فهو موهوم، ناتِجٌ عن سوءِ فَهْمِها، ويُمكنُ إِزَالةُ ذلك التعارضِ بإِمْعانِ النظرِ فيها، وإِحسانِ فَهْمِها، ودِقَّةِ الجَمْعِ بينها.

٢ - المعْتَمَدُ في أَمْرِ المسيحِ - عليه السلام - آياتُ سورةِ النساء، التي تُصَرِّحُ أَنَّ اللهَ حمى رسولَه عيسى - عليه السلام -، وعَصَمَه من كيدِ اليهود، فلما أَتَوْا بالجنودِ الرومانِ لصَلْبِه وقَتْلِه، أَلْقى اللهُ شَبَهَهُ على أَحَدِ تلاميذِه المتَبَرِّعين، فأَخَذوا المؤمنَ المتَبَرِّعَ، وقَتَلوهُ وصَلبوهُ على أَنه عيسى، ثم أَنْزَلوهُ ودَفَنوه! أَمّا عيسى - عليه السلام - فقد أَنْجاهُ اللهُ وعَصَمَه وحَماه، ورَفَعَه إِلى السماءِ مُباشَرَة، فلم يُصَبْ بأَذى.

٣ - لم يَتَحدث القرآنُ عن صَلْبِ عيسى ودَفْنِه وموتِه، ثم قيامَتِه حَيّاً من

قَبْرِه، كما ادّعى الفادي ذلك ونَسَبَهُ للقرآن.

وقد سَبَقَ أَنْ ناقَشْناهُ في مَعْنى قولِه تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) .

وخُلاصةُ مَعْنى الآيةِ: أَنه بعدَ أَنْ أُلْقِيَ شَبَهُ عيسى - عليه السلام - على ذلك الشابَ المتطوّع، بحيثُ صارَ كَأَنَّه عيسى تَماماً، أَلقى اللهُ النومَ على

<<  <  ج: ص:  >  >>